تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ضغوطهم علينا فما الواجب معهم؟ أكتب هذه الرسالة وهذه مشكلة البترول قائمة ومنا من يقول يجب إدخال البترول في المعركة ومنعه عن الدول التي تساعد إسرائيل ويقول آخرون لو منعناه انتهت الحضارة ودمرنا العالم وهذا إفساد في الأرض والله لا يحب الفساد ويقول آخرون بل لو منعناه حاربنا الأعداء واستولوا عليه وخسرناه. . الخ وكل هذا يحتاج من علماء المسلمين وإن لم يكن لهم اليوم في تصريف شئون بلادهم شيء يذكر – إلى اجتهاد ومشاركة لأنه من باب النصح للأمة كما قال رسول الله: [الدين النصيحة] ثلاثاً. قلنا: لمن؟ قال: [لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم] (رواه مسلم).

فمن النصح لعامة المسلمين تقديم النصح لحلول هذه المشكلات الذي لا تصيب واحداً منا فقط بل تقع على الأمة كلها. وهذه المشكلة واحدة من آلاف المشكلات الاقتصادية التي نواجهها الآن وكل هذه المشكلات تحتاج من المسلمين إلى فهم وعلم واجتهاد. وهذا الفهم كما أسلفنا القول مراراً يجب أن يكون في إطار النصوص والقواعد والحق الذي أنزله الله سبحانه وتعالى. وهذا الاجتهاد في هذه الأمور " المعاملات " هو أعظم المتغيرات في هذا الدين. وهو بالطبع متغير يخضع إلى الثابت الذي أنزله الله سبحانه وتعالى وتكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مشكلات تعترض طريقنا

بالرغم من حاجتنا الماسة إلى العلماء المجتهدين العاملين المخلصين وإلى سواد الأمة الذي يخلع ربقة التقليد ويطالب بالدليل ويسير خلف العلماء على بصيرة فيطالبهم بالحجة ويناقشهم الرأي ولا يسير خلفهم كالسائمة. أقول: بالرغم من هذه الحاجة الملحة لتخرج الأمة من سباتها الطويل، وتبعيتها الطويلة للمفسدين في الأرض من حكام السوء الذين أذلوها بسوط الطغيان، وحكموها بشريعة الشيطان، بالرغم من كل ذلك فإن هناك عقبات تقف في طريقنا، وأهم هذه العقبات ما يلي: -

أولاً: الانفصال الذي حدث في الأمة بين الحكم والشريعة. فمنذ سقوط الخلافة العثمانية -وإن كانت في آخر أيامها حكماً ظاهرياً بالإسلام- والبلاد الإسلامية تحكم بقوانين وضعية منافية لحكم الله، وبالرغم من أن هذا التبديل لم يمر عليه غير نصف قرن فقط، فإنه قد نشأ جيل جديد من أبناء المسلمين يعادي الإسلام أو على الأقل يجهل شريعته. وهذه الخمسون سنة الأخيرة قد أحدثت آثاراً مدمرة في البشرية جميعاً، فالتحولات الاجتماعية والسياسية والعقائدية سريعة جداً فقد حدث في هذه الحقبة حربان عالميتان اندثرت فيها دول وحضارات وقامت دول أخرى، وتبدلت القوانين والأخلاق والعقائد تبدلاً كاملاً في كل ناحية من نواحي الأرض تقريباً.

ولا يكاد الناس يلاحقون اليوم التحولات السياسية والعقائدية والفكرية، وهذه التحولات بالطبع يتبعها القانون والتشريع فما كان حراماً بالأمس أصبح مباحاً بل مستحباً اليوم والعكس بالعكس، ووسائل التأثير على الناس قد تطورت تطوراً سريعاً فأين " خطبة الجمعة المحدودة " من البث الإذاعي والتلفزيوني، وأين " الكتاب " من المدارس والجامعات التي تنشر المبادئ الجديدة، وأين المخطوطات القليلة التي كانت تتداولها الأيدي من الذي تقذف به المطابع اليوم من ملايين الأطنان من الصحف والكتب والنشرات، وعامة ما تقذف به يهدم العقائد القديمة والأخلاق والشرائع. هذا كله إلى سياسة عليا للدول تسير في اتجاه إلى المادية وصراع على البقاء. هذا العالم الذي نعيش فيه والذي يغير جلده مع مطلع كل شمس، ويغير عقائده ومناهجه وتشريعاته ونظمه وأخلاقه وسياساته كما يغير ألوان الملابس والسيارات أصبح عالماً سمته الأساسية التغيير، وليس نحو الأفضل وإنما التغيير للتغيير فليس هناك وقت للمفاضلة بين الفاضل والأفضل أو بين الجيد والرديء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير