تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ بِشْرُ بْنُ مُوسَى سَأَلَ رَجُلٌ , وَأَنَا أَسْمَعُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ جُعِلْت فِدَاك فَقَالَ: لَا تَقُلْ هَكَذَا فَإِنَّ هَذَا مَكْرُوهٌ , قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ مِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ , وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ هَذَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ أَوْلَى مِنْهُ لِصِحَّةِ غَيْرِهِ , ثُمَّ رَوَاهُ بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاك.

وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ غَيْرِهِ.

وَقَدْ قَالَ حَسَّانُ: فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَتِي وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ انْتَهَى , قُلْت: وَفِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ: أَتَهْجُوهُ وَلَسْت لَهُ بِكُفْءٍ فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا فِدَاءُ وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ أَنْصَفُ بَيْتٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاك مَرَّتَيْنِ.

وَقَالَ الْخَلَّالُ: قَوْلُهُ فِي السَّلَامُ فِدَاك أَبِي وَأُمِّي قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ تَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: فِدَاك أَبِي وَأُمِّي؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاك , وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: فِدَاك أَبِي وَأُمِّي , وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفِدَاءٍ حَقِيقَةً , وَإِنَّمَا هُوَ بِرٌّ وَإِعْلَامٌ بِمَحَبَّتِهِ وَمَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُ.

وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ , وَبَعْضُهُمْ خَصَّهُ بِالْأَبَوَيْنِ يَعْنِي الْكَرَاهَةَ دُونَ وَأَنَا فِدَاك.

وَالْمُعْتَمَدُ لَا كَرَاهَةَ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ , وَكَثْرَتِهَا عَنْ الْمُخْتَارِ , فَإِنَّهَا كَادَتْ تُجَاوِزُ حَدَّ الْحَصْرِ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قال أبو جعفر الطبري رحمه الله تعالى في تهذيب الآثار (مسند الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه):

القول في البيان عمّا في هذا الخبر من الفقه (بعد أن ساق الأحاديث في التفدية)

والذي فيه من ذلك: الدلالة عل صحة قول القائلين بإجازة تفدية الرجل بأبوية ونفسه وفساد قول منكري ذلك فإن ظنّ ظانّ أن تفدية النبي صلى الله عليه وسلم من فدّاه بأبويه إنما جاز لأن أبويه كانا مشركين فأمّا المسلم فإنه غير جائز أن يفدى مسلماً ولا كافراً بنفسه ولا بأحد سواه من أهل الإسلام اعتلالاً منه بما 000 عن الحسن قال دخل الزبير على النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاك فقال كيف تجدك جعلني الله فداك؟ قال: ما تركت أعرابيتك بعد؟ قال الحسن:لا ينبغي أن يفدى أحد أحداً 000

قال الطبري " قيل هذه أخبار واهية الأسانيد لا يثبت بمثلها في الدين حجة 000إلى أن قال فلو كانت هذه الأخبار التي ذكرها عن المنكدر بن محمد عن الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحاحا ً لم يكن فيها لمحتج بها حجة في إبطال ما روينا على عن علي والزبير رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخبرين اللذين ذكرناهما عنه أنه فدّى من فدّى بأبويه ولا كان في ذلك دلالة على أن قيل ذلك غير جائز إذ لا بيان فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى الزبير عن قيل ذلك له بل إنما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له::أ ما تركت أعرابيتك بعد؟ والمعروف من قيل القائل إذا قال "إن فلاناً لم يترك أعرابيته بعد إنه إنما نسبه إلى الجفاء لا؟ والمعروف من قيل القائل إذا قال "إن فلاناً لم يترك أعرابيته بعد إنه إنما نسبه إلى الجفاء لا إلى فعل ما يجوز فعله فلو صح خبر الحسن الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قيله ما قال للزبير لم يعدُ أن يكون ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم نسبة لقول الزبير الذي قال له إلى الجفاء وإعلاماً منه له أنّ غيره من القول والتحية ألطف وأرق منه 000أهـ

القسم الرابع:

أن تقال للكافر فهذه لا تجوز لأسباب كثيرة منها

1. أن في قولها للكافر دليل على مودة الكافر والله تعالى يقول (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ) (المجادلة: من الآية22)

2. أن المسلم لا يقتل بكافر لحديث "وأن لا يقتل مسلم بكافر رواه البخاري

3. ولأن فيه أيضاً ميل للذين ظلموا والكافر من أعظم الناس ظلماً كما قال تعالى (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (هود:113)

4. ولأن نفسه ونفوس المسلمين أعز من نفس الكافر وغير ذلك من الأدلة ولكن هذا ما يحضرني منها الآن 0

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير