اسمها
((وهذه التأويلات في غاية الفساد والبطلان وأئمة الحديث والعلم لا يرضون بأمثالها ولا يصححون أغلاط الرواة بمثل هذه الخيالات الفاسدة والتأويلات الباردة التي يكفي في العلم بفسادها تصورها وتأمل الحديث))
وهذا التأويل الأخير وإن كان في الظاهر أقل فسادا فهو أكذبها وأبطلها وصريح الحديث يرده فإنه قال أم حبيبة أزوجكها قال نعم فلو كان المسؤول تزويج أختها لما أنعم له بذلك صلى الله عليه وسلم
فالحديث غلط لا ينبغي التردد فيه والله أعلم) انتهى.
وقال كذلك في زاد المعاد ج: 1 ص: 109
ثم تزوج أم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب القرشية الأموية وقيل اسمها هند تزوجها وهي ببلاد الحبشة مهاجرة وأصدقها عنه النجاشي أربعمائة دينار وسيقت إليه من هناك وماتت في أيام أخيها معاوية
هذا هو المعروف المتواتر عند أهل السير والتواريخ وهو عندهم بمنزلة نكاحه لخديجة بمكة ولحفصة بالمدينة ولصفية بعد خيبر
وأما حديث عكرمة بن عمار عن أبي زميل عن ابن عباس أن أبا سفيان قال للنبي أسألك ثلاثا فأعطاه إياهن منها وعندي أجمل العرب أم حبيبة أزوجك إياها
فهذا الحديث غلط لا خفاء به قال أبو محمد بن حزم وهو موضوع بلا شك كذبه عكرمة بن عمار
وقال ابن الجوزي في هذا الحديث هو وهم من بعض الرواة لا شك فيه ولا تردد وقد اتهموا به عكرمة بن عمار لأن أهل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت عبدالله بن جحش وولدت له وهاجر بها وهما مسلمان إلى أرض الحبشة ثم تنصر وثبتت أم حبيبة على إسلامها فبعث رسول الله إلى النجاشي يخطبها عليه فزوجه إياها وأصدقها عنه صداقا وذلك في سنة سبع من الهجرة وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة فدخل عليها فثنت فراش رسول الله حتى لا يجلس عليه ولا خلاف أن أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكة سنة ثمان
وأيضا ففي هذا الحديث أنه قال له وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين قال نعم
ولا يعرف أن النبي أمر أبا سفيان البتة
وقد أكثر الناس الكلام في هذا الحديث وتعددت طرقهم في وجهه فمنهم من قال الصحيح أنه تزوجها بعد الفتح لهذا الحديث قال ولا يرد هذا بنقل المؤرخين وهذه الطريقة باطلة عند من له أدنى علم بالسيرة وتواريخ ما قد كان
وقالت طائفة بل سأله أن يجدد له العقد تطيبا لقلبه فإنه كان قد تزوجها بغير اختياره وهذا باطل لا يظن بالنبي ولا يليق بعقل أبي سفيان ولم يكن من ذلك شيء
وقالت طائفة منهم البيهقي والمنذري يحتمل أن تكون هذه المسألة من أبي سفيان وقعت في بعض خرجاته إلى المدينة وهو كافر حين سمع نعي زوج أم حبيبة بالحبشة فلما ورد على هؤلاء ما لا حيلة لهم في دفعه من سؤاله أن يؤمره حتى يقاتل الكفار وأن يتخذ ابنه كاتبا قالوا لعل هاتين المسألتين وقعتا منه بعد الفتح فجمع الراوي ذلك كله في حديث واحد والتعسف والتكلف الشديد الذي في هذا الكلام يغني عن رده
وقالت طائفة للحديث محمل آخر صحيح وهو أن يكون المعنى أرضى أن تكون زوجتك الآن فإني قبل لم أكن راضيا والآن فإني قد رضيت فأسألك أن تكون زوجتك وهذا وأمثاله لو لم يكن قد سودت به الأوراق وصنفت فيه الكتب وحمله الناس لكان الأولى بنا الرغبة عنه لضيق الزمان عن كتابته وسماعه والإشتغال به فإنه من ربد الصدور لا من زبدها
وقالت طائفة لما سمع أبو سفيان أن رسول الله طلق نساءه لما آلى منهن أقبل إلى المدينة وقال للنبي ما قال ظنا منه أنه قد طلقها فيمن طلق وهذا من جنس ما قبله
وقالت طائفة بل الحديث صحيح ولكن وقع الغلط والوهم من أحد الرواة في تسمية أم حبيبة وإنما سأل أن يزوجه أختها رملة ولا يبعد خفاء التحريم للجمع عليه فقد خفي ذلك على ابنته وهي أفقه منه وأعلم حين قالت لرسول الله هل لك في أختي بنت أبي سفيان فقال أفعل ماذا قالت تنكحها قال أو تحبين ذلك قالت لست لك بمخلية وأحب من شركني في الخير أختي قال فإنها لا تحل لي فهذه هي التي عرضها أبو سفيان على النبي فسماها الراوي من عنده أم حبيبة وقيل بل كانت كنيتها أيضا أم حبيبة
وهذا الجواب حسن لولا قوله في الحديث فأعطاه رسول الله ما سأل فيقال حينئذ هذه اللفظة وهم من الراوي فإنه أعطاه بعض ما سأل فقال الراوي أعطاه ما سأل أو أطلقها اتكالا على فهم المخاطب أنه أعطاه ما يجوز إعطاؤه مما سأل والله أعلم) انتهى.
¥