تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قصة في الجهاد لأحد السلف ... تدمع العين]

ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[03 - 07 - 03, 01:10 ص]ـ

أورد ابنُ الجوزي في صفة الصفوة وابنُ النحاس في مشارع الأشواق عن رجل من الصالحين اسمه أبو قدامة الشامي ..

وكان رجلاً قد حبب إليه الجهاد والغزو في سبيل الله، فلا يسمع بغزوة في سبيل الله ولا بقتال بين المسلمين والكفار إلا وسارع وقاتل مع المسلمين فيه، فجلس مرة في الحرم المدني فسأله سائل فقال: يا أبا قدامة أنت رجل قد حبب إليك الجهاد والغزو في سبيل الله فحدثنا بأعجب ما رأيت من أمر الجهاد والغزو فقال أبو قدامة: إني محدثكم عن ذلك: القصه خرجت مرة مع أصحاب لي لقتال الصليبيين على بعض الثغور (والثغور هي مراكز عسكرية تجعل على حدود البلاد الإسلامية لصد الكفار عنها) فمررت في طريقي بمدينة الرقة (مدينةٍ في العراق على نهر الفرات) واشتريت منها جملاً أحمل عليه سلاحي، ووعظت الناس في مساجدها وحثثتهم على الجهاد والإنفاق في سبيل الله، فلما جن علي الليل اكتريت منزلاً أبيت فيه، فلما ذهب بعض الليل فإذا بالباب يطرق عليّ، فلما فتحت الباب فإذا بامرأة متحصنة قد تلفعت بجلبابها فقلت: ما تريدين؟

قالت: أنت أبو قدامة؟

قلت: نعم

قالت: أنت الذي جمعت المال اليوم للثغور؟

قلت: نعم،

فدفعت إلي رقعة وخرقة مشدودة وانصرفت باكية، فنظرت إلى الرقعة فإذا فيها: إنك دعوتنا إلى الجهاد ولا قدرة لي على ذلك فقطعت أحسن ما فيَّ وهما ضفيرتاي وأنفذتهما إليك لتجعلهما قيد فرسك لعل الله يرى شعري قيد فرسك في سبيله فيغفر لي.

قال أبو قدامة: فعجبت والله من حرصها وبذلها، وشدة شوقها إلى المغفرة والجنة. فلما أصبحنا خرجت أنا وأصحابي من الرقة، فلما بلغنا حصن مسلمة بن عبد الملك فإذا بفارس يصيح وراءنا وينادي يقول: يا أبا قدامة يا أبا قدامة، قف عليَّ يرحمك الله،

قال أبو قدامة: فقلت لأصحابي: تقدموا عني وأنا أنظر خبر هذا الفارس، فلما رجعت إليه، بدأني بالكلام وقال: الحمد لله الذي لم يحرمني صحبتك ولم يردني خائباً. فقلت له ما تريد: قال أريد الخروج معكم للقتال. فقلت له: أسفر عن وجهك أنظر إليك فإن كنت كبيراً يلزمك القتال قبلتك، وإن كنت صغيراً لا يلزمك الجهاد رددتك. فقال: فكشف اللثام عن وجهه فإذا بوجه مثل القمر وإذا هو غلام عمره سبع عشرة سنة. فقلت له: يا بني؟ عندك والد؟ قال: أبي قد قتله الصليبيون وأنا خارج أقاتل الذين قتلوا أبي. قلت: أعندك والدة؟ قال: نعم قلت: ارجع إلى أمك فأحسن صحبتها فإن الجنة تحت قدمها فقال: أما تعرف أمي؟ قلت: لا قال: أمي هي صاحبة الوديعة قلت: أي وديعة؟ قال: هي صاحبة الشكال قلت: أي شكال؟ قال: سبحان الله ما أسرع ما نسيت!! أما تذكر المرأة التي أتتك البارحة وأعطتك الكيس والشكال؟؟ قلت: بلى قال: هي أمي، أمرتني أن أخرج إلى الجهاد، وأقسمت عليَّ أن لا أرجع وإنها قالت لي: يا بني إذا لقيت الكفار فلا تولهم الدبر، وهَب نفسك لله واطلب مجاورة الله، ومساكنة أبيك وأخوالك في الجنة، فإذا رزقك الله الشهادة فاشفع فيَّ .. ثم ضمتني إلى صدرها، ورفعت بصرها إلى السماء، وقالت: إلهي وسيدي ومولاي، هذا ولدي، وريحانةُ قلبي، وثمرةُ فؤادي، سلمته إليك فقربه من أبيه وأخواله .. ثم قال: سألتك بالله ألا تحرمني الغزو معك في سبيل الله، أنا إن شاء الله الشهيد ابن الشهيد، فإني حافظ لكتاب الله، عارف بالفروسية والرمي، فلا تحقرَنِّي لصغر سني .. قال أبو قدامة: فلما سمعت ذلك منه أخذته معنا، فوالله ما رأينا أنشط منه، إن ركبنا فهو أسرعنا، وإن نزلنا فهو أنشطنا، وهو في كل أحواله لا يفتر لسانه عن ذكر الله تعالى أبداً. فنزلنا منزلاً .. وكنا صائمين وأردنا أن نصنع فطورنا .. فأقسم الغلام أن لا يصنع الفطور إلا هو .. فأبينا وأبى .. فذهب يصنع الفطور .. وأبطأ علينا .. فإذا أحد أصحابي يقول لي يا أبا قدامة اذهب وانظر ما أمر صاحبك ..

فلما ذهبت فإذا الغلام قد أشعل النار بالحطب ووضع من فوقها القدر ..

ثم غلبه التعب والنوم ووضع رأسه على حجر ثم نام .. فكرهت أن أوقظه من منامه .. وكرهت أن أرجع الى أصحابي خالي اليدين .. فقمت بصنع الفطور بنفسي وكان الغلام على مرأى مني .. فبينما هو نائم لاحظته بدأ يتبسم ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير