وبالجملة فإن الإمام أبا حنيفة رحمه الله اتصف بصفات تجعله في الذروة العليا بين العلماء الثقات المتثبتين في العلم.
أقوال العلماء في أبي حنيفة: لقد وردت في توثيق وتعديل الإمام أبي حنيفة وتجريحه أقوال عدة للعلماء ولكن يرجّح توثيق هذا الإمام الجليل وتعديله لأن من طعن عليه وجرّحه إما لكونه من أقرانه أو لم يتعرّف إلى الإمام الأعظم عن قرب أو حاقد عليه.
فمن أقوال المعدلين والموثقين له ما يلي:
قال يحيى بن معين: كان أبو حنيفة ثقة لا يحدّث بالحديث إلاّ بما يحفظ ولا يحدث بما لا يحفظ. وقال مرة: كان أبو حنيفة ثقة في الحديث. وقال مرة ثالثة: كان أبو حنيفة لا بأس به. وروى عنه أيضاً أنه قال: هو عندنا من أهل الصدق ولم يتهم بالكذب ولقد ضربه ابن هبيرة على القضاء فأبى أن يكون قاضياً.
وقال يحيى بن سعيد القطان: لا نكذب والله؛ ما سمعنا أحسن من رأى أبي حنيفة، وقد أخذنا بأكثر أقواله.
وقال على بن عاصم: لو وُزن علم الإمام أبي حنيفة بعلم أهل زمانه لرجح عليهم.
وقال ضرار بن صُرَد: سُئل يزيد بن هارون: أيما أفقه الثوري أو أبو حنيفة؟ فقال: أبو حنيفة أفقه، وسفيان أحفظ للحديث.
وقال ابن المبارك: أبو حنيفة أفقه الناس. وقال الشافعي: الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة.
وقال يزيد بن هارون: ما رأيت أحداً أورع ولا أعقل من أبي حنيفة.
ويُروى عن القاضي أبي يوسف تلميذ أبي حنيفة قوله: بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة إذ سمعت رجلاً يقول لرجل: هذا أبو حنيفة لا ينام الليل. فقال أبو حنيفة: لا يتحدث عني بما لم أفعل، فكان يحيي الليل صلاة ودعاء وتضرعاً.
وقال محدث الديار المصرية الحافظ محمد بن يوسف الصالحي: كان أبو حنيفة من كبار حفّاظ الحديث وأعيانهم ولولا كثرة اعتنائه بالحديث ما تهيّأ له استنباط مسائل الفقه.
وقال الحسن بن صالح: كان أبو حنية متثبتاً.
وقال مكي بن إبراهيم: كان أعلم أهل زمانه، وما رأيت في الكوفيين أورع منه.
وقال أبو داود السجستاني: إن أبا حنيفة كان إماماً.
وقال سفيان بن عيينة: ما عقلت عيني مثل أبي حنيفة.
وقال الأعمشي لأبي حنيفة: لو كان الأمر بالطلب واللقى لكنت أفقه منك، ولكنه عطاء من الله تعالى.
وقال عبد الله بن داود الخُرَيبي: الناس في أبي حنيفة حاسد وجاهل وأحسنهم عندي حالاً الجاهل.
ومن أقوال المجرّحين له والطاعنين فيه ما يلي
روى عبد الرحمن بن أبي حاتم بسنده إلى عبد الله بن المبارك أنه قال: كان أبو حنيفة مسكيناً في الحديث.
كما روى بسنده إلى أحمد بن حنبل قال: رأيه مذموم.
مكانته العلمية: لقي الإمام أبو حنيفة بعض الصحابة مثل أنس بن مالك وسهل بن سعد الساعدي وأبي الطفيل عامر بن واثلة الليثي. والتقى بالتابعين وجالسهم وروى عنهم وأخذ فقههم مثل عامر الشعبي.
وكانت له حلقة علم يجتمع فيها كبار المحدثين في زمانه مثل عبد الله بن المبارك وحفص بن غياث، مع كبار الفقهاء مثل القاضي أبي يوسف ومحمد بن الحسن والحسن بن زياد وزفر، مع كبار الزهاد مثل الفضيل بن عياض وداود الطائي.
شيوخ أبي حنيفة: لقد تتلمذ الإمام أبو حنيفة على عدد كبير من الشيوخ في شتى العلوم كان من أشهرهم: إبراهيم بن محمد وإسماعيل بن عبد الملك وجَبَلة بن سُحيم والحارث ابن عبد الرحمن والحسن بن عبيد الله والحكم بن عُتيبة وحماد بن أبي سليمان وخالد بن علقمة وربيعة ابن أبي عبد الرحمن وزُبيد اليامي وزياد بن علاقة وسماك بن حرب وشيبان بن عبد الرحمن وطاووس بن كيسان وطلحة بن نافع وعاصم بن كُلَيب وعاصم بن أبي النجود وعامر الشعبي وعبد الله بن دينار وعون بن عبد الله بن عتبة وعبد الله بن أبي حبيبة وعبد الملك بن عمير وعدي بن ثابت وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن السائب وعكرمة مولى ابن عباس وعمرو بن دينار وقابوس بن أبي ظبيان وقتادة بن دِعَامة ومحارب بن دِثَار ومحمد بن علي بن الحسين ومحمد بن مسلم الزهري ومحمد بن المنكدر ومسلَم البطين ومنصور بن المعتمر ونافع مولى ابن عمر وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد الأنصاري ويونس بن عبد الله وأبو إسحاق السَّبيعي وأبو جناب الكلبي وأبو الزبير المكي وأبو فروة الجهني وأبو يعفور.
تلاميذه: تتلمذ على يدي الإمام أبي حنيفة نفر كثير من الطلاب كان من أشهرهم:
¥