[إعلام البرية بحكم نسخ الأشرطة السمعية]
ـ[أبو عاصم الشهراني]ــــــــ[18 - 07 - 03, 01:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فقد قرأت ما كتبه بعض الفضلاء في حكم نسخ الأشرطة السمعية (الإسلامية المحتوى) محفوظة الحقوق، وقد يسر الله تعالى لي بحث هذه المسألة وغيرها -مما يتصل بالمؤلفات والمخترعات وبرامج الحاسب الآلي ونحوها- ضمن رسالة علمية، وكان من ضمنها مسألتنا هذه؛ فإليكموها، لكم غنمها - إن وُجد - وعليّ غرمها، وأستغفر الله.
(إن نسخ المواد السمعية أو المرئية التي يمنع أصحابها من نسخها بدون إذنهم لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى:
أن يكون الغرض منه الاستفادة العلمية من محتواها، بمعنى أن الشخص يقوم بعمل نسخة من ذلك الشريط حتى يستفيد مما يعرض فيه من أمور مباحة أو علوم نافعة.
وفي هذه الحالة فإنه لا مانع من النسخ، ولو بدون إذن منتج الشريط مادام أن الغرض من النسخ هو الاستعمال الشخصي والاستفادة الذاتية.
الحالة الثانية:
أن يكون الغرض من النسخ هو المتاجرة بهذه النسخ التي تم نسخها، وبيعها على آخرين، سواء بنفس سعر النسخ الأصلية أو أقل منه.
والحكم في هذه الحالة أن النسخ لا يجوز لما فيه من التعدي على حقوق الغير من المسلمين، ممن قام بإخراج هذه الأشرطة وإنتاجها والدعاية لها، وربما شراء الحقوق من أصحابها التي قد تكلفهم مبالغ كبيرة، وقيام غيرهم ببيع نسخ منها يفوّت عليهم نسبة من الأرباح، وقد يؤدي إلى عدم استرجاع ما أنفقوا فيها من أموال، وبالتالي لحوق الخسارة بهم.
وبناءً على هذا فإن الأصل أنه لا يجوز نسخ الأشرطة التي يمنع أصحابها من نسخها إلا بإذنهم.
وبهذا أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (1)، في الفتوى رقم (18845) عن حكم تسجيل ونسخ الأشرطة دون طلب الإذن من أصحابها، وفيما يلي نص السؤال والإجابة:
س: هل يجوز أن أسجل شريط (2) من الأشرطة وأبيعها، ولكن دون طلب الإذن من صاحبها، أو- إن لم يكن صاحبها على قيد الحياة - من الدار الخاصة بها، أي بتسجيلها؟.
وهل يجوز أن أصور كتاباً من الكتب وأجمع منها عدداً كبيراً وأبيعها؟.
وهل يجوز كذلك أن أصور كتاباً من الكتب، ولكن لا أبيعه، وإنما احتفظ به لنفسي؟. وهذه الكتب التي تحمل علامة (حقوق الطبع محفوظة) هل أطلب الإذن أم لا؟. أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب:
"لا مانع من تسجيل الأشرطة النافعة وبيعها، وتصوير الكتب وبيعها؛ لما في ذلك من الإعانة على نشر العلم، إلا إذا كان أصحابها يمنعون من ذلك؛ فلا بد من إذنهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" (1).
ومن العلماء من استثنى الأشرطة التي يكون محتواها من العلوم الشرعية؛ فرأى أنه لا يجوز المنع من نسخها إطلاقاً، ولكن لأصحابها أن يمنعوا من نسخها حتى يستردوا ما أنفقوا فيها من نفقات ثم ليس لهم المنع من نسخها بعد ذلك؛ لأن المنع حينئذٍ يعتبر من احتكار العلم.
وهذا الذي ذكرت هو رأي الشيخ العلامة محمد بن عثيمين –رحمه الله تعالى- وهو المفهوم من فتوى الشيخ العلامة عبدالله بن جبرين – أثابه الله تعالى- حيث يقول الشيخ ابن عثيمين – في سياق الجواب عن سؤال يتعلق بحكم كتابة عبارة (حقوق الطبع محفوظة) على بعض الكتب والأشرطة الدينية-:
"أما بالنسبة للأشرطة، فإننا قد تكلمنا مع بعض الناس الذين يكتبون حقوق النسخ محفوظة للتسجيلات الفلانية، وقالوا:
إننا نفعل ذلك لأننا تكلفنا تكاليف كبيرة من الأجهزة، والعمال، والكتّاب، وإذا صارت المسألة غير محفوظة صار أي واحد من أصحاب التسجيلات الأخرى يأخذ هذا الشريط، وينسخ منه مئات الألوف، وتبقى علينا خسارة، وإذا صح هذا التعليل فإني أقول:
إنه ينبغي للتسجيلات أن تحتفظ لنفسها بحقوق النسخ إلى أن تسترد ما أنفقت على هذا الشريط؛ فإذا استردت ما أنفقت فإنها تدع الناس ينسخونه.
فعلى سبيل المثال: إذا قدّر أنه أنفقت على هذا الشريط عشرة آلاف مثلاً؛ فإننا نقول: إذا كسبت من ورائه عشرة آلاف؛ فلترخص للناس أن ينسخوا منه؛ لأنه بعدما استردت ما أنفقت فلا خسارة عليها، وحينئذ ليس لها أن تحتكر العلم، وتمنع الناس من الانتفاع به" (1).
¥