فمن أخذ بالأول دون الثاني فقد خالف الرسول عليه الصلاة والسلام، وخالف ابن عمر:
لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يُذكر عنه هنا إلا الأمر بالإعفاء والتوفير، وابن عمر أخذ من لحيته مما فوق القبضة وفي النسك.
ونقول: أين الدليل على جواز الأخذ في غير النسك؟.
فإن قلت: إن الأخذ منها في النسك لا ينافي دلالة الإعفاء المأمور به فيجوز الأخذ في غير النسك كما قلت ذلك من الإنصاف ص 11، 55.
قيل لك: فالأخذ من عموم اللحية إذا ثبت أنه لا ينافي الإعفاء لا يقيد بما زاد على القبضة فيجوز الأخذ مما دون القبضة كما جاز أخذ ما زاد عليها.
فإن قلت: ما دون القبضة يبقى على عموم الأمر المرفوع بالإعفاء.
قيل لك: وتبقى باقي الأحوال في غير النسك على عموم الأمر المرفوع بالإعفاء، فكما يلزمك دليل خاص لأخذ ما دون القبضة، فيلزمك أيضاً دليل خاص في الأخذ في غير النسك.
فإن قلت: إذا جاز في النسك جاز في غيره.
قيل لك: وإذا جاز الأخذ مما فوق القبضة جاز مما دونها، فلماذا قيدت بالمكان وهو ما زاد عن القبضة دون الحال وهو النسك؟.
فإن قلت: إن الحال وهو النسك قيد غير مؤثر كما لو قرأ الرسول عليه الصلاة والسلام سورة في الصلاة في سفر فإن ذكر السفر قيد غير مؤثر في استحباب هذه السورة كما قلت ذلك في تعزيز الإنصاف ص 42.
قيل لك: لم فرّقت فجعلته في النسك قيداً غير مؤثر وكونه فوق القبضة قيداً مؤثراً؟.
مع أنهما وردا معاً، ولو أراد أحد أن يعكس الدعوى لانعكست، ويستدل بنحو استدلالك، ويقال لك أيضاً: إن القراءة لا اختصاص لها بالسفر إذ إنها وردت في السفر ووردت في الحضر، فقياسك إياها على الأخذ من اللحية قياس فاسد الاعتبار، وعموم الأدلة تأمر بالإعفاء والترك وأما الأخذ من اللحية فلم يرد إلا في النسك، فأين هذا من ذاك؟.
ويقال لك أيضاً: إن القياس الأقرب أن يقال: الأخذ من اللحية في النسك كالقصر في السفر، فإن الأدلة العامة المرفوعة تدل على وجوب الإتمام فلما قصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعلمنا أنه لم يرد القصر إلا في السفر تبين لنا أن هذا القيد مؤثر، وكذلك هنا فإن الأدلة العامة المطلقة المرفوعة دلت على وجوب الإعفاء فلما ورد علينا فعل ابن عمر مقيداً بالنسك علما أن هذا القيد مؤثر، لأنه لم يرد في غير النسك.
ثم يقال لك: إن الأدلة التي استدللت بها (حديث ابن عمر، وحديث جابر، وحديث عطاء، وحديث ابن عباس في تفسير التفث وهو في الحج) كلها صريحة في أن هذا الأخذ كان في النسك.
بل حديث جابر الذي استدللت به نصه (كنا نعفي سبالنا إلا في حج أو عمرة)، قد صرح فيه أنهم يعفون لحاهم في غير النسك، إذن ما فائدة نقلهم لقيد (في الحج والعمرة)؟
وكيف يكون هذا القيد بعد ذلك غير مؤثر؟.
وقول عطاء الذي احتججت به (كانوا يحبون أن يعفوا اللحية إلا في حج أو عمرة)، تصريح بأنهم يعفون لحاهم في غير النسك، وتصريح أيضاً أن معنى الإعفاء هو الترك مطلقاً (1).
فمن أخذ من لحيته في غير النسك فقد خالف هدي سيد المرسلين لعموم أدلة الأمر بالإعفاء، وخالف هدي الصحابة بدليل حديثك الذي حسنته (كنا نعفي سبالنا إلا في حج أو عمرة)، وحديث عطاء، وحديث ابن عمر، وحديث ابن عباس في تفسير التفث، وهذه عمدتك في الأخذ من اللحية.
فهل من مظاهر الإنصاف:
أن تستدل بجزء من حديث وتترك آخر؟ وتحاول تضعيف دلالته في الجانب الآخر مع أنهما سواء في الدلالة؟.
فهذا جابر قال (كنا نعفي سبالنا إلا في حج أو عمرة):
لماذا لم تأخذ بأول كلامه، ومعناه: نعفي السبال في جميع الأحوال؟ بل أخذت بما استثناه، ثم عممته!!.
وهذا عطاء قال (كانوا يحبون أن يعفوا اللحية إلا في حج أو عمرة):
لماذا لم تأخذ بما أحبوه من الإعفاء في غير الحج والعمرة؟ وإنما أخذت المستثنى فعممته على جميع الأحوال، وليس هذا من الإنصاف.
وجعلت هذا القيد غير مؤثر مع تصريح عطاء بأنهم يحبون الإعفاء في غير النسك، وتصريح جابر بأنهم يعفون في غير النسك.
بل وقلت في الإنصاف ص 8 (وقد وقفت على أن الأخذ من اللحية في النسك هو مذهب الصحابة)، فأين الإنصاف هنا عافاك الله ووفقك وهداك، وجعل الجنة مثوانا ومثواك؟.
ـ[القعنبي]ــــــــ[23 - 07 - 03, 01:20 ص]ـ
الأخ الموحد وفقه الله.
إذن نقلك الفتوى كاملة من العبث .. !!
ـ[الموحد99]ــــــــ[23 - 07 - 03, 02:09 ص]ـ
ألأخ الغالي القعنبي سدده الله:
لم أفهم مرادك من إيرادك هذا الكلام؟؟ لو تكرمتم بالإيضاح فأخاك بطي الفهم 0
تنبيه:
ولكني أرى أن الأخذ من اللحية لا يجوز وهذا هو الذي أدين الله تعالى به لحديث النبي صلى الله عليه وسلم " أعفوا " وبقية الألفاظ وطلبي من الشيخ محمد الأمين أن يجيب على هذه الإيردات لا يدل على أن أميل للقول الأخرى ولكني أرى أنه لا يمكن الإجابة عن هذه الإيردات والإلزمات بجواب صحيح غير متعسف 0 ولعلكم أن تجيبوا أنتم عليها أيضا فقد يتضح لي مالم يكن في الحسبان!!!
تنبيه أخر:
اشكرك على هذه الروابط يأخ قعنبي شكرا جزيلاً فقد استفدت منها أشياء كثيرة وقرأتها على ضعف نظري كلها
والله أعلم
¥