تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[همة ابن الجوزي في طلب العلم [كما أخبر هو عن نفسه]]

ـ[عبدالله الشمراني]ــــــــ[21 - 07 - 03, 04:33 ص]ـ

قرأت كلامًا للإمام أبي الفرج ابن الجوزي ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ ت (597هـ) في كتابه: ”صيد الخاطر” (ص 366)، الفقرة: (338)؛ فوجدت في كلامه عدة فوائد؛ فأحببت أنْ أنقله لإخواني في "الملتقى"، لما فيه من شحذ همم طلاب العلم، حيث قال رَحِمَهُ اللَّهُ:

(كانت همم القدماء من العلماء عَلِيَّةً، تَدلُّ عليها تصانيفُهم التي هي زبدةُ أعمارِهم إلا أنَّ أكثرَ تصانيفهم دثرت؛ لأنَّ هِمَم الطلابِ ضعفت، فصاروا يطلبون المختصرات، ولا ينشطون للمطولات. ثم اقتصروا على ما يدرسون به من بعضها، فدثرت الكتب، ولم تنسخ.

فسبيلُ طالب الكمال في طلبِ العلم، الاطلاع على الكتبِ، التي قد تخلَّفت من المصنفات، فليكثر من المطالعة، فإنَّه يرى من علومِ القومِ، وعلوِّ هممِهِم، ما يشحذ خاطِرَه، ويُحَرِّكُ عَزِيمتَه للجدِّ، وما يخلو كتاب من فائدةٍ. وأعوذُ باللهِ مِنْ سِيَرِ هؤلاءِ الذي نُعاشرهم. لا نرى فيهم ذا همَّةٍ عاليةٍ فيَقْتَدِي بها المقتدي، ولا صاحبَ ورعٍ فيستفيدَ منه الزاهد. فاللهَ اللهَ عليكم بملاحظة سِيَرِ السلفِ، ومطالعةِ تصانيفِهم، وأخبارِهم. فالاستكثارُ من مطالعَةِ كتبِهِم روية لهم؛ كما قال:

فَاتَنِي أنْ أرَى الدِّيارَ بِطَرْفِي فَلَعَلِّي أَرَى الدِّيَارَ بِسَمْعِي

وأني أخبر عن حالي:

ما أشبع من مطالعةِ الكُتُبِ، وإذا رأيتُ كتابًا لم أرَه؛ فكأني وقعت على كنزٍ. ولقد نظرتُ في ثَبْت الكتب الموقوفة في ”المدرسة النّظاميَّة”، فإذا به يحتوي نحو (ستة آلاف) مجلد. وفي ثَبْت كتب أبي حنيفةَ، وكتب الحُمَيْدِي، وكتب شيخنا عبدالوهاب، وابن ناصر، وكتب أبي محمد بن الخشاب، وكانت أحمالاً، وغير ذلك من كلِّ كتابٍ أقْدِرُ عليه.

ولو قلتُ: إنِّي طالعت (عشرينَ ألفَ) مجلد كانَ أكثر، وأنا بعد في الطلب.

فاستفدتُ بالنَّظرِ فيها من ملاحظةِ سِيَرِ القومِ، وقَدْرِ هممِهم، وحفظِهم، وعبادَتِهم، وغرائبِ علومهِم، مالا يعرفه من لم يطالع، فصرتُ استزري ما النَّاس فيه، واحتقرُ هِمَم الطلابِ. والحمد لله) أ. هـ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير