تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كذلك هنا: بيع الفضة بالفضة متفاضلا، لما نهي عنه في الأثمان لئلا يفضي إلى ربا النساء - الذي هو الربا - فنهي عنه لسد الذريعة، كان مباحا إذا احتيج إليه للمصلحة الراجحة، بيع المصوغ مما يحتاج إليه، ولا يمكن بيعه بوزنه من الأثمان، فوجوب أن يجوز بيعه بما يقوم به من الأثمان، وإن كان الثمن أكثر منه، تكون الزيادة في مقابلة الصنعة ..... ولهذا ما زال الناس يقابض بعضهم بعضا الدراهم، مثل أن يكون عند هذا دراهم كاملة ثقيلة، وهو يطلب خفافا وأنصافا، فيطلب من يقابضه، فيقابضه الناس، ولا يرون أنهم خسروا شيئا، بخلاف ما لو طلب أن يبيعوه المصوغ بوزنه دراهم، فإنهم يرونه ظالما لهم معتديا، ولا يجيبه إلى ذلك أحد.

وبالجملة فلا بد من أربعة أمور: إما أن يقال: هذه لا تباع بحال، فهو ممتنع في الشرع، أو يقال: لا تباع إلا بوزنها ولا يحتال في بيعها بغير الوزن، وأيضا لا يفعله أحد، أو يقال: لا تباع إلا بوزنها ولكن احتالوا في ذلك حتى يبيعوها بوزنها، فهذا مما لا فائدة فيه، بل هو أيضا إتعاب للناس، وتضييع للزمان به، وعيب ومكر وخداع لا يأمر الله به، أو يقال: بل تباع بسعرها بالدراهم والدنانير، وهذا هو الصواب، وهذا القسم حاضر، ثم إذا بيعت بالسعر فإنها تباع بالنقد، وأما بيعها بالنساء فلا يحتاج إليه، وهو محتمل، وقد يحتاج إليه.

وهكذا سائر ما يدخل في الذهب والفضة في لباس، كلباس النساء الذي فيه ذهب وفضة، فإنه يباع بالذهب والفضة أو الفضة بسعره.

وأواني الذهب والفضة وصيغتها محرمة، وأجرة ذلك محرمة، فإذا بيعت لم تحرم الزيادة لكونها ربا، بل لكونها غير متقومة، وهو كبيع الأصنام وآلات اللهو.

وهنا يتصدق بهذه الزيادة ولا تعاد إلى المشتري، لأنه قد اعتاض عنها، فلو جمع له بين العوض والمعوض لكان ذلك أبلغ في إعانته على المعصية، وهكذا من باغ خمرا، أو باع عصيرا لمن يتخذه خمرا، فهنا يتصدق بالثمن، وهكذا من كسب مالا من غناء أو فجور، فإنه يتصدق به.

وكل موضع استوفى الآخر العوض المحرم، وهو قاصد له غير مغرور، فإنه يتصدق بالعوض، ولا يجمع له بين هذا وهذا، فإنه إذا حرم أن يعطاه بثمن يؤخذ منه، فلأن يحرم أن يعطاه ويعطى الثمن أولى وأحرى، اللهم إلا إذا تاب، أو كان في إعطائه مصلحة فيجوز لأجله.

وعلى هذا فتجوز التجارة في الحلي المباح، بل ويجوز الأجل فيه إذا لم يقصد إلا الانتفاع بالحلية، لم يقصد كونها ثمنا، كما يجوز بيع سائر السلع إلى أجل، فإن هذه سلعة من السلع التي ليست ربوية " ا. هـ[انظر تفسير آيات أشكلت 2/ 622 - 632]

=============

وقد التزم شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم في غير الذهب المصوغ من فروع الأجناس بهذا القول، وفروع الأجناس لها حكم أصولها عند الحنابلة، فلا يجوز عندهم بيع الخبز بالدقيق، ولا بيع الزيتون بالزيت لأن فروع الأجناس لها حكم أصولها، وقال شيخ الإسلام وتلميذه وهو مذهب الحنفية والمالكية: إن ما تكون فيه صنعة آدمي من الأجناس إن خرج عن كونه قوتا - كالنشا الذي يصنعمن الحنطة - فليس بربوي، لزوال علة التحريم وهي الاقتيات، وإن لم تزل عنه العلة فهو جنس آخر منفرد، فالخبز جنس، والحنطة جنس آخر، وهكذا فروع الأجناس، فعليه يجوز بيع زيت الزيتون بالزيتون، وبيع الخبز بالحنطة، لما في ذلك من صنعة الآدمي، فيحتاج إلى أجرة، لكن مع النسيئة لا يجوز لأنهما جنسان ربويان متفقان في العلة كما سبق بيانه. [شرح المشيقح 6/ 230]

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير