[حال حفص راوية عاصم! كيف يكون ذلك؟]
ـ[ساري عرابي]ــــــــ[25 - 07 - 03, 06:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حَفْصُ بنُ سُلَيْمَان الأسَدِي أبُو عُمَرَ البَزّازُ الكُوْفِي القَارِىءُ.
مما جاء في ترجمة الرجل -كما في تهذيب الكمال-:
وقال أبو قُدامة السّرخسيّ، وعُثمان بن سَعيد الدّارمي عن يحيى بن مَعِين: ليسَ بثقة.
وقال عليّ بنُ المَديني: ضعيفُ الحديث وتركتُه على عَمْد.
وقال إبراهيم بن يَعْقوب الجُوزْجانِي: قد فُرِغَ منه من دَهْرٍ.
وقال البُخاري: تركوه.
وقال مُسلم: مَتْروك.
وقال النّسائِي: ليسَ بثقة ولا يكتب حديثه. وقال في مَوْضع اخر: متروك.
وقال صالح بن محمّد البَغدادي: لايكتب حديثُه، وأحاديثه كلّها مناكير.
وقال زكريا بن يَحْيَى السّاجي: يحدّث عن سِماك، وعَلقمة بن مَرْثَد، وقَيْس بن مُسْلم، وعاصِم أحاديث بواطيل.
وقال أبو زُرْعة: ضعيفُ الحديث.
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتِم: سألتُ أبي عنه، فقال: لا يُكْتَب حديثُه، هو ضَعيف الحديث، لا يصدق، متروكُ الحديث. قلت: ما حاله في الحروف؟ قال: أبو بَكْر بن عَيّاش أثْبت مِنْه.
وقال عبد الرحمن بن يوسُف بن خِراش: كذّاب متروك يَضَع الحديث.
وقال الحاكم أبو أحمد: ذاهبُ الحديث.
وقال يَحْيَى بن سَعيد، عن شُعْبة: أخذ مني حفص بن سليمان كتاباً فلم يرده، وكان يأخذ كتب النّاس فينسخها.
وقال أبو أحمد بن عَدِي، عن السّاجيّ، عن أحمد بن محمد البَغداديّ، عن يَحْيَى بن مَعين: كان حَفْص بن سُلَيمان، وأبو بَكْر بن عَيّاش مِن أعلم النّاس بقراءة عاصِم، وكان حَفْص أقْرأ مِن أبي بَكْر، وكان كذّاباً، وكان أبو بكر صَدُوقاً. قال أبو أحمد: ولحَفْص غيرُ ما ذكرتُ مِن الحَديثِ، وعامّة حديثه عمّن روى عنه م غير محفوظة.
فالنقاد هنا يرمونه: (بالكذب) (ووضع الحديث) (وسرقة الكتب)، فضعفه لا يتوقف على قلة عنايته واهتمامه بالحديث، وإنما يرمى في أمانته ودينه!
فكيف يكون ذلك مع صاحب أكثر الروايات المتواترة شهرة وانتشاراً؟!
وكيف جاز اخذ الرواية عنه؟! ثم كيف اختاره ابن مجاهد راوية لأحد السبعة عندما سبع القراءات؟!
ألا يعتبر ذلك مدخلاً للطعن في كتاب الله -جل وعلا- أو على أقل تقدير في إحدى القراءات المتواترة؟!
و هل هذا الجرح مسلم به؟!
وإن كان كذلك ... فهل يجاب عنه بأن القراءة أخذت عنه واعتبرت لأن الرواية مشهورة مستفيضة لم ياخذها عن عاصم حفص وحده، كما أن عاصم لم يأخذها وحده عمن سبقه، وإنما خلائق كثيرة، فلا يمكن لأحدهم العبث بهذه الرواية لكثرة الذين أخذوها وعرفوها، فجاز أخذها عن حفص لإتقانه الحروف وضبطه وجودة تلاوته، طالما أن العبث والتحريف مستحيل لشهرة الرواية واستفاضتها؟!
أرجو التفاعل والمشاركة، لإيضاح هذا الأمر ... وبارك الله فيكم.
ـ[الذهبي]ــــــــ[25 - 07 - 03, 11:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل: ساري عرابي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إعلم وفقنا الله وإياك لطاعته أنه لايستلزم من كون الإنسان ثقة في علم القراءات أن يكون ثقة في علم الحديث، وهذا أمر معروف بداهة لأئمة الحديث والقراءات، وعلى كل فسوف أنقل لك ما قاله الإمام شمس الدين الذهبي، في حفص، وقد اخترت أن أنقل لك كلام الإمام الذهبي دون غيره من الأئمة، لأنه كان إمامًا في علمي الحديث والقراءات، فقال - رحمه الله تعالى - لما ترجم لحفص بن سليمان في كتابه معرفة القراء الكبار (1/ 140 - 141):
((المقرئ الإمام صاحب عاصم)) ثم قال بعد أن أورد كلام من تكلم فيه في الحديث: ((أما في القراءة فثقة ثبت ضابط لها بخلاف حاله في الحديث ... وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عياش، ويصفونه بضبط الحروف التي قرأ بها على عاصم. أقرأ الناس دهرًا)).
وقال في السير (8/ 497): ((حجة في القراءة، لين في الحديث)).
وقال في السير أيضًا (5/ 260): ((كان ثبتًا في القراءة، واهيُا في الحديث)).
وقال في التذكرة (ص 1031): ((إمامًا في القراءة، تالف في الحديث)).
فتبين لك من ذلك – أخي الكريم – أن الضبط في الحديث شيئ، وفي القراءة شيئ آخر.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
ـ[ساري عرابي]ــــــــ[26 - 07 - 03, 01:06 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شيخي الفاضل الذهبي، جزاك الله خيراً وبارك فيك، وإني لأعلم الذي ذكرت، لكن الإشكال أن ضعفه لا يتوقف على ضبطه وعنايته بالحديث، ولو كان الأمر كذلك فقط، لما كان هناك أي إشكال.
فالطعن في دينه وامانته، ورميه بالكذب، والوضع، ورجل هكذا كيف يؤمن على كتاب الله؟!
فالأمر يختلف بين ضعف في ضبط الحديث والعناية به، وبين ضعف في الدين والأمانة!
وجزاك الله خيراً
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[27 - 07 - 03, 01:23 ص]ـ
الصواب أن الكذب هنا هو الإخبار بخلاف الواقع خطأً وسهواً وليس عن تعمد، وكذلك قولهم لا يصدق يحمل على أنه يخبر بخلاف الصواب عن خطأ وسهو بسبب قلة ضبط للحديث، لا أنه يتعمد الكذب، مع ملاحظة أن من يصفه أئمة الجرح والتعديل بأنه يكذب ليس بالضرورة أنه يضع متونا من تأليفه وينسبها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما يقصد بها أحيانا أنه يرفع الموقوفات أو العكس ويسند المرسلات أو العكس ويركب أسانيد أحاديث على متون أحاديث أخرى ونحو هذا، ومثل هذه الأمور قد تقع بسبب قلة الضبط وعدم العناية بالحديث لا بسبب تعمد الكذب، وهذا الذي ينبغي أن يحمل عليه حال حفص، وبهذا نوفق بين ثناء أئمة القراءة على دين حفص وخلقه وإتقانه للقراءة وإفنائه عمره في تعلم القرآن وتعليمه، وبين وصف من وصفه من أئمة الحديث بالكذب، والله أعلم.
¥