تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[حارث همام]ــــــــ[14 - 01 - 04, 03:42 ص]ـ

== تكملة

سادساً: لو صحت النسبة إلى الذهبي فالرسالة ليس عليها اسم ولا نعرف لمن كتبها الذهبي، غير أننا نجزم أنها إن كانت له –وهو بعيد- فيستحيل أن تكون من طالب لأستاذه، وخاصة إذا كان الطالب هو الإمام الذهبي صاحب الأدب والخلق المعروف.

سابعاً: تلاميذ شيخ الإسلام كثر، وقد ردوا على مجرد قصائد نالت من الشيخ، فلو كانت هذه الرسالة له لنالت حظها من الدحر والتفنيد. بل أبعد من ذلك لم يذكر أحد من المؤرخين المعاصرين للذهبي شيء عنها!

ثامناً: ثم كيف وقعت هذه النصيحة في يد أعداء الشيخ ولم يعرفها طلابه، من الذي أعطاها لهم، فهي بخط ابن قاضي شهبة وقد كان شديد العداء لشيخ الإسلام، كما أنه لو كان المعروف فبينه وبينه ما يزيد على المائة عام! ثم بعده وجدت بخط السخاوي، وهو متأخر جداً.

تاسعاً: بعض المحققين أثبت نسبتها لمحمد بن علي بن السراج. ولست أدري لكن ما زلت أرى القول بتوجيهها لشيخ الإسلام بعيداً فمتنها لايناسب أن توجه له إلاّ من جاهل بأقواله.

عاشراً: لم يذكرها أحد المعتمدين الذين ترجموا للذهبي ممن يعتمد على كلامهم، في كتبه أو رسائله فأين وجدها هؤلاء المتأخرون؟

رأي الذهبي في شيخ الإسلام (بعد وفاته):

========================

قال ابن عبدالهادي في كتابه الماتع: العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية:

"وقرأت على آخر هذا الكتاب" يعني رفع الملام عن الأئمة الأعلام.

" بخط الذهبي" والذهبي في طبقة شيوخ الناقل، والناقل في عداد تلامذته العارفين به.

"يقول فيها سمع جميع هذا الكتاب على مؤلفه شيخنا الإمام العالم العلامة الأوحد شيخ الإسلام مفتي الفرق قدوة الأمة أعجوبة الزمان بحر العلوم حبر القرآن تقي الدين سيد العباد أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني رضي الله عنه"

فانظر إلى ترضي الذهبي على شيخه تعرف مكانه عنده.

وحسبك بهذه النقول:

قال في العقود الدرية: "وقال الشيخ علم الدين رأيت في إجازة لابن الشهرزوري الموصلي خط الشيخ تقي الدين بن تيمية وقد كتب تحته الشيخ شمس الدين الذهبي هذا خط شيخنا الإمام شيخ الإسلام فرد الزمان بحر العلوم تقي الدين مولده عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة وقرأ القرآن والفقه وناظر واستدل وهو دون البلوغ وبرع في العلم والتفسير وأفتى ودرس وله نحو العشرين سنة وصنف التصانيف وصار من كبار العلماء في حياة شيوخه وله من المصنفات الكبار التي سارت بها الركبان ولعل تصانيفه في هذا الوقت تكون أربعة آلاف كراس وأكثر وفسر كتاب الله تعالى مدة سنتين من صدره أيام الجمع وكان يتوقد ذكاء وسماعاته من الحديث كثيرة وشيوخه أكثر من مائتي شيخ ومعرفته بالتفسير إليها المنتهى وحفظه للحديث ورجاله وصحته وسقمه فما يلحق فيه وأما نقله للفقه ومذاهب الصحابة والتابعين فضلا عن المذاهب الأربعة فليس له فيه نظير وأما معرفته بالملل والنحل والأصول والكلام فلا أعلم له فيه نظيرا ويدري جملة صالحة من اللغة وعربيته قوية جدا ومعرفته بالتاريخ والسير فعجب عجيب وأما شجاعته وجهاده وإقدامه فأمر يتجاوز الوصف ويفوق النعت وهو أحد الأجواد الأسخياء الذين يضرب بهم المثل وفيه زهد وقناعة باليسير في المأكل والملبس وقال الذهبي في موضع آخر وقد ذكر الشيخ رحمه الله كان آية في الذكاء وسرعة الإدراك رأسا في معرفة الكتاب والسنة والاختلاف بحرا في النقليات هو في زمانه فريد عصره علما وزهدا وشجاعة وسخاء وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وكثرة تصانيف وقرأ وحصل وبرع في الحديث والفقه وتأهل للتدريس والفتوى وهو ابن سبع عشرة سنة وتقدم في علم التفسير والأصول وجميع علوم الإسلام أصولها وفروعها ودقها وجلها سوى علم القراءات فإن ذكر التفسير فهو حامل لوائه وإن عد الفقهاء فهو مجتهدهم المطلق وإن حضر الحفاظ نطق وخرسوا وسرد وأبلسوا واستغنى وأفلسوا وإن سمي المتكلمون فهو فردهم وإليه مرجعهم وإن لاح ابن سينا يقدم الفلاسفة فلهم وتيسهم وهتك أستارهم وكشف عوارهم وله يد طولى في معرفة العربية والصرف واللغة وهو أعظم من أن يصفه كلمي أو ينبه على شأوه قلمي فإن سيرته وعلومه ومعارفه ومحنه وتنقلاته تحتمل أن توضع في مجلدين وهو بشر من البشر له ذنوب فالله تعالى يغفر له ويسكنه أعلى جنته فإنه كان رباني الأمة وفريد الزمان وحامل لواء الشريعة وصاحب معضلات المسلمين وكان رأسا في العلم يبالغ في أمر قيامه في الحق والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبالغة ما رأيتها ولا شاهدتها من أحد ولا لحظتها من فقيه".

وأقتصر على هذا خشية الإملال وإلاّ فكلام الذهبي في شيخه أكثر من ذلك.

قصيدة الذهبي في رثاء شيخه:

=================

ثم بعد موته كان الذهبي من أول من رثوه بقصيدة مشهورة نقلها العلامة ابن عبدالهادي في العقود الدرية يقول فيها:

ياموت خذ من أردت أو فدع = محوت رسم العلوم والورع

أخذت شيخ الإسلام وانفصمت= عرى التقى واشتفى أولو البدع

غيبت بحراً مفسراً جبلاً = حبراً تقياً مجانب الشبع

فإن يحدث فمسلم ثقة = وإن يناظر فصاحب اللمع

وإن يخض نحو سييوبه يفه = بكل معنى في الفن مخترع

وصار عالي الإسناد حافظة = كشعبة أو سعيد الضبعي

والفقه فيه فكان مجتهداً = وذا جهاد عار من الجزع

وجوده الحاتمي مشتهر = وزهده القادري في الطبع

أسكنه الله في الجنان ولا= زال علينا في أجمل الخلع

وفي الختام هذه وقفات سريعة عابرة مع النصيحة المزعومة، وأسأل الله أن ييسر بسط كلام أهل العلم فيها، على أنه فيما سبق بيان لمريد الحق، أما من أبى إلاّ التعنت والتقليد، والحطيطة ممن رفع شأنهم الأعلام، فلن تملك له شيئاً، والله المستعان.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير