أما الربيع بن حبيب الذي ترجم له البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وابن شاهين في الثقات والإمام أحمد في العلل والمزي في تهذيب الكمال ج9 ص69
فهو غير صاحب المسند الذي يكنيه الأباضية بأبي عمرو ويسمونه الربيع بن حبيب بن عمرو الفراهيدي البصري مسكنا العماني أصلا ومدفننا ويؤرخون وفاته بسنة 170هـ
وبتتبع شيوخ وتلاميذ كل منهما ندرك أنهما متغايران ولا صلة لأحدهما بالثاني
من شيوخ الربيع
1 - أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي
2 - ضمام بن السائب البصري العماني
شراح المسند:-
الشارح الأول للمسند هو: الشيخ أبو عبدالله محمد بن عمر بن أبي ستة القصبي الجربي مات سنة 1087هـ وهو من كبار علماء جربة التي رجع إليها من القاهرة سنة 1068هـ - من المحاضرات التي ألقاها الأستاذ ناصر بن محمد المرموري بعنوان: " مسند الإمام الفراهيدي " في الملتقى السادس عشر للفكر الإسلامي المنعقد في تلمسان بالجزائر سنة 1402هـ -
والشارح الثاني هو الشيخ نور الدين أبو محمد عبدالله بن حميد السالمي مات سنة 1332هـ في عمان وكان الشيخ رحمه الله من الدعاة المخلصين وله دور كبير في مقاومة الاستعمار الانجليزي مع كونه ضريرا - من المقدمة التي كتبها عز الدين التنوخي للجزء الثالث من شرح المسند للسالمي الطبعة العمومية دمشق 1383هـ -
ترتيب المسند والإضافات
المسند الذي بين أيدينا ينسب الاباضية وضعه وجمعه إلى الربيع بن حبيب وقد رتبه على المسانيد
وتولى إعادة ترتبيه على الأبواب الفقهية أبو يعقوب يوسف بن ابراهيم الوارجلاني " 500 - 570هـ " ويبدوا إنه لم يقتصر عمله على ترتيب مادة المسند الأصلية وإنما قام باضافات جملة من الآثار الأخرى إلى المسند بزعم إنها مما احتج به الربيع على مخالفيه في مسائل الاعتقاد وغيرها
كما ضم الوارجلاني إلى المسند روايات محبوب بن الرحيل القرشي عن الربيع وروايات أفلح بن عبدالوهاب الرستمي عن أبي غانم بشر بن غانم الخرساني لإضافة إلى مراسيل جابر بن زيد
أحاديث المسند من حيث الإتصال والإنقطاع
أما مدى احترام الصناعة الحديثية في المسند فنلاحظ إخلالا واضحا يفقد المسند قيمته ويجعله في مصاف الكتب الواهية المردودة
رغم أن كثير من متون أحاديثه صحيحة وقد أخرجها أصحاب الكتب المعتبرة فاغلب أحاديث الكتاب منقطعة فهي بلاغات ينسبونها لجابر بن زيد وتلميذه أبي عبيدة والربيع بن حبيب
فهذا أبو عبيدة يقول بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ... الحديث رقم 15،27،30،31،34 وغيرها كثير مسقط التابعي والصحابي
ويقول بلغني أن عمر بن الخطاب قال ... الحديث رقم 14
وهذا الربيع يقول بلغني عن ابن مسعود الحديث رقم 45
ويقول بلغني عن عبادة بن الصامت الحديث رقم 57
وغيرها كثير
من المآخذ التي حفل بها المسند
1 - عدم رؤية الله عز وجل يوم القيامة
جاء في المسند ثلاثة أبواب تضمنت جملة من الأحاديث تنكر رؤية الله عز وجل
2 - تكفيرهم لأهل الكبائر
جاء في الباب الأول من الجزء الثالث الترجمة الآتية
باب الحجة على من قال: أن أهل الكبائر ليسوا بكفار
3 - المسح على الخفين
نجد في كتاب الطهارة بابا ترجم له بقوله: باب المسح على الخفين
أورد فيه خمسة أحاديث تنفي كلها المسح على الخفين حتى أنهم نسبوا إلى عائشة رضي الله عنها قولها: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على خفيه قط
4 - القنوت
جاء في المسند نفي القنوت في الصلاة وإنه بدعة ففي الحديث رقم 300 عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيته قنت في صلاته قط
الوضع في الحديث
نقرأ في باب الأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم الحديث الأتي: أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنكم ستختلفون من بعدي فما جاءكم عني فأعرضوه على كتاب الله فما وافقه فعني وما خالفه فليس عني
وهذا الحديث يدعوا إلى تعطيل السنة والاقتصار على العمل بالقرآن العزيز الأمر الذي يتعارض مع دعوة القرآن والسنة التي من وظائفها الاستقلال بالتشريع
وذكر ابن عبد البر أن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونسب عبدالرحمن بن مهدي وضعه إلى الخوارج - جامع العلم وفضله ج2 ص233 -
الخلاصة
وخلاصة القول أن هناك جملة من الملاحظات تثير مزيدا من الشكوك في صحة وجود هذا المسند تاريخيا وصحة نسبته إلى جابر بن زيد
1 - أن جابر بن زيد تبرأ من الأباضية تهذيب الكمال ج3ص38
2 - الغموض المريب الذي يلف تاريخ هذا المسند حيث لم تشير إلى ذكره المراجع والأمهات القديمة المعتبرة
كما أن رجاله بداية من ألي عبيدة مسلم بن أبي كريمة والربيع بن حبيب تعتبر هوياتهم مجهولة فلم تتعرض لهم بالذكر كتب الرجال المعروفة والموثوق بها
3 - أحاديث غير مسندة
4 - ما تضمنه من انحرافات في العقيدة والشريعة
5 - ما اشتمل عليه من أحاديث موضوعة
وبناء عليه فقد يكون هذا المسند من وضع بعض رجالات المذهب الأباضي. وهو مسند لا تتوفر فيه شروط الصحة التي أجمع عليها علماء الحديث من القديم والحديث فلا يجوز الاعتماد ولا التعويل عليه
(منقول لبعض طلاب العلم)
¥