تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فنقول: إنه محرم لا من أجل أن العقد اعتراه خلل يعود إليه، ولكن من أجل أنه من باب الخيانة والخداع. فإذا قال قائل: إذا هم زوجوه، فهل يلزمونه أن تبقى الزوجة في ذمته؟ إذ من الممكن أن يزوجوه اليوم ويطلق غدا؟

قلنا: نعم. هذا صحيح. فالأمر بيده إن شاء طلق وإن شاء أبقى، لكن هناك فرق بين إنسان تزوج نكاح رغبة، ثم لما دخل على زوجته ما رغب فيها، وبين إنسان نوى من الأصل نكاح متعة بنيته، فهو ما قصد إلا أن يتمتع هذه الأيام ثم يطلقها، فبينهما فرق.

ولو قال قائل: إن قولكم إنه خيانة للمرأة ووليها غير سديد، وذلك لأن الرجل في اختياره أن يطلق متى شاء، فهم داخلون على مغامرة ومخاطرة، فهم لا يدرون متى يطلق؟

قلنا: هذا صحيح. لكن هم يعتقدون وهو أيضا يعتقد - إذا كان نكاح رغبة - أن هذا النكاح أبدي، وإذا طرأ طارئ لم يكن يخطر على البال: فهذا أمر وارد لكنه على خلاف الأصل. ولهذا فإن الرجل المعروف بكثرة الطلاق: لا ينساق الناس إلى تزويجه.

فإذا تزوج الرجل على هذه النية فعلى قول من يقول إنه من "نكاح المتعة"، -وهو المذهب- فالنكاح باطل. وعلى القول الثاني - وهو الذي نختاره - أن النكاح صحيح، لكنه آثم بذلك من أجل الغش، وهو مثل ما لو باع الإنسان سلعة - بالشروط المعتبرة شرعا - لكنه غاش فيها: فالبيع صحيح، والغش محرم. أ. هـ. من " شريط رقم 9 - كتاب النكاح". شرح "زاد المستقنع".

- قال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله:

هذا وإن تشديد علماء السلف والخلف في منع "المتعة" يقتضي منع النكاح بنية الطلاق، وإن كان الفقهاء يقولون إن عقد النكاح يكون صحيحاً إذا نوى الزوج التوقيت ولم يشترطه في صيغة العقد. ولكن كتمانه إياه يعد خداعاً وغشاً. وهو أجدر بالبطلان من العقد الذي يشترط فيه التوقيت الذي يكون بالتراضي بين الزوج والمرأة ووليها. ولا يكون فيه من المفسدة إلا العبث بهذه الرابطة العظيمة التي هي أعظم الروابط البشرية، وإيثار التنقل في مراتع الشهوات بين الذواقين والذواقات، وما يترتب على ذلك من المنكرات. وما لا يشترط فيه ذلك يكون على اشتماله على ذلك غشاً وخداعاً تترتب عليه مفاسدَ أخرى من العداوة والبغضاء وذهاب الثقة حتى بالصادقين الذين يريدون بالزواج حقيقته وهو إحصان كل من الزوجين للآخر وإخلاصه له، وتعاونهما على تأسيس بيت صالح من بيوت الأمة. أ. هـ نقلاً عن "فقه السنة" للسيد سابق (2/ 39).

ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[03 - 08 - 03, 05:41 م]ـ

الحمدلله ...

يستفاد مما تقدَّم كله أن المسألة فيها خلاف ‍ ولا مزيد.

وفتوى اللجنة الدائمة على العين والرأس؛ لكنها ليست ملزمة لطالب العلم إلاَّ لمن هو قاصد التقليد أو ترجَّح عنده من أدلتهم مثل ما ذهبوا إليه.

والشيخ ابن عثيمين رحمه الله من دقة فقهه لم يوافق تسمية هذا النكاح (متعةً).

للأسباب التي أشار إليها الأخ أبا عبدالله النجدي.

وللعبرة .. فطالب العلم لا ينكر وجود الخلاف - إذ وجد -؛ لكنه يترجح عنده رأيٌ فينصره؛ سواءٌ أكان في ذلك موافقة لبعض المتقدمين أو المتأخرين من أهل العلم.

إنما الشأن في التحريج على طلبة العلم مما أئتمنوا عليه من النظر في أقوال أهل العلم ودليلهم، أو اتهام نياتهم ومقاصدهم لرأيٍ رأوا أنه الحق ... والله المستعان.

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 08 - 03, 07:58 م]ـ

الخلاف الذي فيها إنما حصل في طبقة المتأخرين نتيجة اختلاف فهمهم لكلام المتقدمين. وإلا فلا خلاف بين الصحابة ولله الحمد. ولا ينبغ أن يكون خلاف عند من بلغه قوله عليه الصلاة والسلام: إنما الأعمال بالنيات ...

ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[03 - 08 - 03, 08:36 م]ـ

شيخنا المفضال الشيخ محمد الأمين _ حفظه الله _

كيف لا يكون في المسألة خلاف بين المتقدمين والحسن بن علي رضي الله عنهما كان مزواجا مطلاقا ومن اطلع على سيرته علم أنه كان يتزوج وفي نيته أن يطلق بعد مدة وكان يصرح بأنه يفعل ذلك لتكثير ذرية النبي صلى الله عليه وسلم، ألا يكفي هذا لإثبات خلاف المتقدمين فيها؟

بل لو قال قائل لا خلاف بين المتقدمين في جوازه لأن الحسن والمغيرة رضي الله عنهما فعلاه بغير نكير لكان قوله أقرب من قولكم لا خلاف بين المتقدمين في منعه.

بل إذا كان الصحابة والتابعون منهم من أجاز نكاح المتعة وهو أحد نوعي النكاح المؤقت فكيف يقال لا خلاف بين المتقدمين في النكاح المؤقت؟

ثم لو سلمنا جدلا أن المتأخرين اختلفوا في فهم كلام المتقدمين ففهم أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه وشيخ الإسلام في أحد قوليه أن الزواج بنية الطلاق جائز، فكيف نصادر فهمهم ونقول فهمنا لكلام المتقدمين هو الفهم الوحيد الصواب، وفهم الأئمة الأربعة وكبار أصحابهم لكلام المتقدمين لا يكفي لجعل المسألة خلافية؟

لو اطردنا هذا لانفتح باب من الشر عظيم.

الخلاصة أن المسألة خلافية مشهورة بين المتقدمين والمتأخرين، ولا يخلو كتاب فقه يعنى بذكر الخلاف من ذكر الاختلاف فيها، فليرجح طالب العلم ما ظهر عنده أنه الأرجح ولكن بدون تعصب وبدون مصادرة للخلاف وبدون إكراه الآخرين على تقليد العالم الفلاني أو العالم الفلاني.

وإذا كانت اللجنة الدائمة قد أفتت بأنه زواج باطل فالشيخ ابن عثيمين أفتى بأنه زواج صحيح ولكنه محرم، والشيخ ابن باز أفتى بأنه زواج صحيح مباح، وقد سبق النقاش وطال الجدل في هذه المسألة في ثلاثة مواضيع سابقة بما فيه الكفاية، وذكر كلٌ منا ما عنده وصار الكلام يعاد ويكرر بلا فائدة، نسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلوبنا وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير