تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن يدري .. فلعل الهيئة الفاضلة قد تأثرت بتوجيهات المستشرقين في اعتبارهم هذا الكتاب ذروة التراث العربي، دون اهتمام بما وراء تلك الدعاية المدخولة من أهداف خبيثة، ودون أي رعاية لمعايير الفكر الإسلامي السليم، الذي هو الوحيد بين مواريث الأمم الذي يستمد مقوماته من منابع الوحي الذي لا يأتيه الباطل .. وهذا الضرب من التغرير هو ديدن الكفرة من المستشرقين. الذين يحدوهم العداء الموروث للإِسلام إلى إذاعة كل ما ينالا حقيقتَه من كتب الفِرَق الضالة والتصوف الغالي، فيُشيدون بها على أنها الممثلة لجوهر الإسلام، ولا غرض لهم سوى إفساد الضمير الإسلامي ..

عتاب وإعجاب:

ولقد كان من حسنات هذه الهيئة الكريمة إلى جانب عملها في الضبط والتحقيق إشارتُها – في ص 35 من التصدير – إلى المختصرات التي استخلصها من كتاب الأغاني جماعةٌ من أولي العلم منذ أوائل القرن الخامس الهجري حتى أيامها، وقد عَدَّت من هذه المختصرات سبعاً، بينها واحد طُبع في ثمانية أجزاء من عمل أحد كبار أعضائها الشيخ العلامة محمد الخضري، بعد أن (حذف منه الأسانيد ومالم يُستحسن ذكره من الفحش والمخل بالأدب) كما تقول الهيئة نفسها – في ص 36 من التصدير- وليت الهيئة الفاضلة قد أتمت إحسانها على الطريقة نفسها التي سلكها الأستاذ الخضري في مختصره النظيف، فقدمته للقراء باسم (تهذيب الأغاني) بدلا من ذلك الركام الذي جمع بين اللاَليءِ والقمامة، وما كان أقدرها على هذا الخير وأحقها به!.

ولقد كان المتوقع أن يأخذ هذا المقال سبيله إلى النشر قبل أشهر، ولكن بعض الاخوة من أولي النهى رأى أنه لا يزال في الموضوع متسع لإضافات أخرى لا ينبغي أن تحجب عن قرائه الذين يهمهم الوقوف على المزيد من مؤامرات الحاقدين على الإسلام، لتكون الصورة في أذهانهم شاملة للسابقين منهم، الذين يستشرفونهم من خلال دسائس هذا الشعوبي، واللاحقين الذين يواجهون ملامحهم في ثنايا وسائل الإعلام المعاصرة في مختلف الألوان والشيات واللغات.

وعلى الرغم من مرهقات العمل ومثبطات الشيخوخة وجدتني مدفوعا للانسياق مع ذلك الرأي، فأخرت نشر ما كتبت ترقبا للفرصة التي تمكنني من تحقيقه

هذا ولقد هممت بأن أنتزع هذه الإضافات من مجموع أجزاء الأغاني الأربعة والعشرين بدءاً من أخبار خير القرون من سلف هذه الأمة ثم ما تتابع بعدها من الأجيال حتى أيام المؤلف. بيد أني لم ألبث أن عدلت عن ذلك الهمِّ بما تذكرت من أعبائه التي قد ينفد الأجل المقدور قبل استكمالها، فآثرت الوقوف على القليل من تلك الأخبار، ولكنه القليل الذي يغني عن سائرها بما يحمله من الدلائل على ما وراءه ..

وطبيعي أن نبدأ هذه المضافات بتعريف مركَّز لشخصية الأصفهاني يساعد القارئ على استكشاف البعيد من أهدافه ومراميه من خلال (أغانيه) التي احتفظت بالخطوط الكبرى لثقافته الموسوعية.

مؤلف الأغاني بمنظار الثقات:

هو علي بن الحسين. ينتهي نسبه إلى مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية وذلك ما أجمع عليه معرِّفوه، وهو شيعي المذهب بشهادتهم، وبذلك يجمع بين النقيضين التشيع للبيت العلوي والنسب إلى البيت الأموي.

ولد في أصبهان سنة 284 ونشأ في بغداد واتخذها مستقرا، ولكلا الموطنين أثره في نشأته وثقافته، فمن أصفهان وهي من أعرق مدن فارس، وفيها يتفاعل الفكر الشيعي ممتزجا بالعصبية الفارسية، يقبس اللونَ الشيعي فيعرف به، وفي بغداد يتصل بروافد الثقافة العربية الإسلامية فيأخذ عن أكابر علمائها ورواتها الذين يفيضون من عقولهم على أنحاء الربوع الإسلامية ما بعد منها وما قرب، فتتكون لديه الملكة العلمية التي لاتعرف الركود، فلا يفتأ يتزود من ذلك المعين الثرِّ حتى بات واحداً من الذين يشار إليهم بالبنان في سعة الثقافة وكثرة الحفظ والإلمام بفنون عصره، وحتى بات واحدا من المسهمين في نشر هذه الثقافة، فكان من تلاميذه الدار قطني الحافظ الفقيه أحد أئمة الحديث وصاحب كتاب السنن ومن المشهورين في علم القرآن!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير