ـ[أبو العالية]ــــــــ[24 - 08 - 03, 07:01 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لقد قرأت كلام الأخت الفاضلة / كريمة، وجواب الأخ الفاضل / المقرئ أثابهما الله.
وحرص الأخت كريمة، أمر تشكر عليه حقيقة في حرصها على طلب العلم.
ثم جاء جواب الأخت الفاضلة / أم صهيب أحسن الله إليها في محله فجمعت بينهما ووفقت بين المتعارضين
غير أن ما ذكرته الأخت / كريمة صحيح، بل ومؤسف جداً، في كثير من الأحايين، وخاصة في العزوف عن تعليم المرأة، بل في القراءة على بعض المشائخ أمرٌ لا يطاق في بعض الأحيان،
وأذكر أحد العلماء كان يوصينا بالقراءة على العلماء والأخذ منهم والتقلي عنهم، وذات يوم أتيته بعد الفجر وقلت له أرغب ان أقرأ عليك شرح في العقيدة، فاعتذر!! وقال اذهب إلى غيري، فما كان مني عفا الله عني إلا أن قلت له: شيخنا اتق الله، تذكرون لنا القراءة على أهل العلم ونأتي فنطرد، وذكرته ببعض أحوال السلف والوصية من الرسول صلى الله عليه وسلم بطلبة العلم في ذلك وبعد إلحاح شديد وافق جزاه الله خيراً.
لذا لعلي أبين بعض الأمور في ذلك فأقول مستعينا بالله تعالى:
أولاً: ليعلم أن العلم ثقيل،وليس بالسهل، قال الله تعالى [إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا] المزمل/ 5
والتوفيق إليه من الله تعالى بعد الجد والإجتهاد والدعاء على تيسيره، ومن بدأ فحتماً سيصل
وقال سبحانه: [وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ] العنكبوت / 69
" و: إنما العلم بالتعلم "
ثانياً: العلم الممدوح في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هو العلم الشرعي، وهو الذي ينبغي الحرص عليه والاشتغال به حتى الممات.
[وانظر في فضل ذلك المجلد الأول لابن قيم الجوزية رحمه الله في كتاب مفتاح دار السعادة]
ثالثاً: حقيقةً هناك عزوف كثير من أهل العلم عن تعليم المرأة، إذ الدورات العلمية للنساء قليلة، وإذا حضروا في الدورات العلمية للرجال فالفائدة فيها يعتمد على تحصيل سابق لتستفيد منها الفائدة المرجوة من الدورة، وأكثر النساء لم تكن قد بدأت أومازالت في البداية من الطلب، أو تجد أن الموضوع لا يناسب البتة، وهذا يحدث مع الشباب فكيف بالمرأة، فحين إذن إلى من تطلب المرأة العلم.؟
رابعاً: يعاب على طالب العلم فضلاً عنالداعية _أن يفرط في أهل بيته سيما زوجه وأخواته وبناته، بل هو مطلوب منه تعليمهم وإرشادهم وهذا أولى به من غيرهم، ومتى ما فرطت في ذلك أثم.
(وأنذر عشيرتك الأقربين) فيه دلالة على أن أولى الناس بالإنتفاع من الداعية هم أهله وبنوه، فلماذا التفريط.
ثم أليس هذا هدي نبينا صلى الله عليه وسلم؟
فمن أفقه النساء في المدينة، أليست عائشة رضي الله عنها.
ذكر ابن الجوزي رحمه الله:
" يقول الزهري رحمه الله: لو جمع علم عائشة رضي الله عنها إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وجميع النساء، كان علم عائشة رضي الله عنها أكثر " صفةالصفوة (2/ 33)
وقال عروة رضي الله عنه:
" ما رأيت أحداً من الناس أعلم بالقرآن ولا بفريضة ولا بحلال ولا بحرام، ولا بشعر ولا بحديث العرب ولا بنسب من عائشة رضي الله عنها. " أحسن المحاسن (156) لأبي إسحاق الرقي
فلو تأملنا هذا لعلمنا حقاً كم هو تفريط الدعاة في نسائهم وأهل بيتهم.
وتنبيه مهم:
كون المرأة ليست بطالبة علم، أمر في غاية الخطورة، إذ قد يقول قائل يكفي فيها الدين؟
وسبحان الله، أليس الدين يأمر بالعلم والتعلم فإذا كانت صاحبة دين، فإن هذا يستلزم أن تكون طالبة علم، كيف وهي مربية أبناء المسلمين، بل الأمر بتعليمها أشد ما يكون من الرجال، فهي التي سوف تنشؤ جيلاً مسلماً صاعداً في عزة المسلمين.
فقلي بربك، كيف تربي المرأة الدينة (التي ليس يلزم منها طلب العلم) أبناء المسلمين، على ماذا؟
ثم ما هو الدين الذي هي متصفة به، أليست مأمورة بالتفقه في دينها لترفع الجهل عنها ولتقيم دين ربها في نفسها وأبنائها.
أليس هذا يدخل في حسن رعاية الأبناء التي هي مسؤولة عنه يوم القيامة، أليس العلم يدلها على حسن التصرف ويحفظها من الزلل والوقوع في المحضور.
¥