تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وزعم أيضا أن الذي يسعى في تعدد الزوجات جاهل يجب علينا أن نتعاون على الحيلولة دون تحقيق رغباته الحيوانية واستئصال هذا الداء من شأفته.

وزعم أيضا أنه ما دخل التعدد في أسرة إلا وشتت شملها وأقض مضجعها إلخ.

وأقول أن هذا الكلام لا يصدر من شخص يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أن الكتاب العزيز والسنة المطهرة جاءا بالتعدد, وأجمع المسلمون على حله، فكيف يجوز لمسلم أن يعيب ما نص الكتاب العزيز على حله بقوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا الآية.

فقد شرع الله لعباده في هذه الآية أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء مثنى وثلاث ورباع بشرط العدل.

وهذا الجاهل يزعم أنه داء خطير ومرض عضال مشتت للأسر ومقض للمضاجع يجب أن يحارب، ويزعم أن الراغب فيه مشبه للحيوان.

وهذا كلام شنيع يقتضي التنقص لكل من جمع بين زوجتين فأكثر، وعلى رأسهم سيد الثقلين محمد صلى الله عليه وسلم.

فقد جمع صلى الله عليه وسلم بين تسع من النساء ونفع الله بهن الأمة وحملن إليها علوما نافعة وأخلاقا كريمة وآدابا صالحة.

وكذلك النبيان الكريمان داود وسليمان عليهما السلام فقد جمعا بين عدد كثير من النساء بإذن الله وتشريعه. وجمع كثير من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، وفي تعدد النساء مع تحري العدل مصالح كثيرة وفوائد جمة منها عفة الرجل وإعفافه عددا من النساء. ومنها كفايته لهن وقيامه بمصالحهن. ومنها كثرة النسل الذي يترتب عليه كثرة الأمة وقوتها وكثرة من يعبد الله. ومنها مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم بهم الأمم يوم القيامة.

إلى غير ذلك من المصالح الكثيرة التي يعرفها من يعظم الشريعة وينظر في محاسنها وحكمها وأسرارها وشدة حاجة العباد إليها بعين الرضا والمحبة والتعظيم والبصيرة. أما الجاهل الذي ينظر إلى الشريعة بمنظار أسود وينظر إلى الغرب والشرق بكل عينيه معظما مستحسنا كلما جاء منهما فمثل هذا بعيد عن معرفة محاسن الشريعة وحكمها وفوائدها ورعايتها لمصالح العباد رجالا ونساء.

وقد كان التعدد معروفا في الأمم الماضية ذوات الحضارة وفي الجاهلية بين العرب قبل الإسلام فجاء الإسلام وحدد من ذلك وقصر المسلمين على أربع، وأباح للرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك لحكم وأسرار ومصالح اقتضت تخصيصه صلى الله عليه وسلم بالزيادة على أربع وقد قصره الله على تسع كما في سورة الأحزاب. وقد ذكر علماء الإسلام أن تعدد الزوجات من محاسن الشريعة الإسلامية ومن رعايتها لمصالح المجتمع وعلاج مشاكله. ولولا ضيق المجال وخوف الإطالة لنقلت لك أيها القارئ شيئا من كلامهم لتزداد علما وبصيرة.

وقد تنبه بعض أعداء الإسلام لهذا الأمر واعترفوا بحسن ما جاءت به الشريعة في هذه المسألة رغم عداوتهم لها إقرارا بالحق واضطرارا للاعتراف به. وأنا أنقل لك بعض ما اطلعت عليه من ذلك وإن كان في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكلام علماء الإسلام ما يشفي ويغني عن كلام كتاب أعداء الإسلام، ولكن بعض الناس قد ينتفع من كلامهم أكثر مما ينتفع من كلام علماء الإسلام بل أكثر مما ينتفع من الآيات والأحاديث وما ذاك إلا لما قد وقع في قلبه من تعظيم الغرب وما جاء عنه، فلذلك رأيت أن أذكر هنا بعض ما اطلعت عليه من كلام كتاب وكاتبات الغرب. قال في المنار جزء 4 صفحة 485 منه نقلا عن جريدة (لندن ثروت) بقلم بعض الكتاب ما ترجمته ملخصا لقد كثرت الشاردات من بناتنا وعم البلاء، وقل الباحثون عن أسباب ذلك، وإذ كنت امرأة تراني أنظر إلى هاتيك البنات وقلبي يتقطع شفقة عليهم وحزنا، وماذا عسى يفيدهن بشيء حزني ووجعي وتفجعي وإن شاركني فيه الناس جميعا، إذ لا فائدة إلا في العمل بما يمنع هذه الحالة الرجسة. ولله در العالم (توس) فإنه رأى الداء ووصف له الدواء الكافل للشفاء وهو الإباحة للرجل التزوج بأكثر من واحدة، وبهذه الوساطة يزول البلاء لا محالة وتصبح بناتنا ربات بيوت، فالبلاء كل البلاء في إجبار الرجل الأوروبي على الاكتفاء بامرأة واحدة، فهذا التحديد هو الذي جعل بناتنا شوارد وقذف بهن إلى التماس أعمال الرجال، ولا بد من تفاقم الشر إذا لم يبح للرجل التزوج

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير