تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وليس في هذا الذي أشرت إليه تنقيصاً أو قدحاً لهؤلاء الأفاضل، سلفهم والمعاصرون، حاشا لله! فما أنا إلاَّ بقلة أمام نخل طوال؛ لكني أربأ بطالب العلم من أن يقع إزاء مثل هذه الفتاوى من جهات:

الأولى: أن يستكثر بهذه الفتوى بحثاً بحثه؛ فيقول وسُئل فلان فقال ذا؟!!؛ إذ لا فائدة في مثل هذه الفتاوى لمن أراد تحقيق القول في مسألة ما.

إلاَّ لبيان وعورة الجزم في القول في هاتيك المسألة وخطره، ويأتي بفتوى ذلك الإمام ليان هذا الجانب.

وقد تناقشت مرة مع أحد الأخوة في مسألة فبيَّنت له مراجع المسألة من كلام أهل العلم فأتاني بفتوى لبعض أهل العلم الأفاضل وأطلعني عليها، لتأييد بحثه ومسألته التي يبحث فيها.

فقلت له: هل رأيت في الفتوى جواباً شافياً .. يصلح أن تستكثر به بحثك؟ انظر وتأمل وقلِّب الأمر، وقارن بين مطلوب السائل وبين جواب المفتي.

وبعد نظرٍ منه ومقارنة فتبيَّن أنَّ الجواب على الضرب الذي ذكرته.

الجهة الثانية: أن يحتقر المفتي؛ إذ ظنَّه جاهلاً، فكيف لم يجب عن هذا السؤال مع كون الباحث قد عرف تفاصيله وأدلته والراجح فيه بجلاء؟!!

وهذا من جهل المرء بنفسه وغروره ببحثه، فكم في النهر مما ليس في البحر، بل كم في الملعقة مما ليس في المحيط؟!!

كان ماذا لو عرفت أن حكم كذا هو كذا ولم يعرفه الشيخ، فما علمه مما جهلته أكثر جداً مما عرفته وجهله أو جهل التحقيق فيه.

والاعتذار عن هؤلاء الأكابر لا بد أن يكون حملنا لصنيعهم على ورعهم من الجزم في قول دون تحريره، وعدم ترك السائل دون جواب ولو على هذا النحو.

ولا يظنَّن لبيب أنَّ القضية التي أتكلم فيها مما يحسن فيها استخدام أسلوب الحكيم، إذ يعرض فيها المفتي عن السؤال لعدم جدواه بجواب فيه النفع للسائل، وهي قضية بلاغية معروفة.

ومثالها: (ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج)، وقول الأعرابي: متى الساعة؟ قال: ماذا أعددت لها.

والمقصود أنَّ المفتي لابد أن يجيب بما يشفي السائل لا أن يزيده حيرة واضطرابا.

وهذا الأمر يتأكد فيمن لديه السعة في الجواب، بأن يستطيع البث والنظر وتقليب الكتب والافادة من بحوث سبقته.

ومما يريح فيه المفتي مستفتيه أن يجيبه بجوابٍ قاطع بعدم العلم.

ولقد سمعت الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في برنامج نور على الدرب سُئل عن المفاضلة بين المؤذن والإمام، وأيهما أفضل، فقال: لا أدري.

وقابلت الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين مرة في الحرم المكي وكان منفرداً فانتهزت الفرصة وسألته عن مسألة من النوادر؛ فقال لي: لا أدري.

والأخبار فيمن سلف من الأئمة كمالك وغيره في إعلانهم وإشهارهم بـ (لا أدري) فيما لا يدرون أو يجزمون كثيرة، إنما ذكرت المعاصرين لكونه أوقع للنفس.

وعلى هذا ينبغي لطالب العلم أو المبتديء في دربه كأمثالنا أن يعوِّد نفسه ويروِّضها، ويتسهل كلمة (لا أدري) وأخواتها، بوضوح تام عندما يُسأل عن أمرٍ لا يعلمه.

وكذا يتأكد هذا في المعلمين الذين ابتلوا بتدريس المبتدأة من الطلبة؛ إذ يربِّونهم على هذا الأمر (لا أدري)؛ حتى يستسهلوه حال الكبر والتصدُّر.

والله المستعان.

ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 08 - 03, 06:54 م]ـ

جزاكم الله خيرا اخي النجدي واخي السمرقندي ... وبارك فيكما.

الا اني ارجوا من الاخ ابو عمر زيادة ايضاح قول العلماء (لاينبغى) وانهم يقولون ذلك تورعا عن الجزم بالحل والحرمة وليس عن قصور في العلم.

وقد بين ذلك حفظه الله الا اني ارجوا ان يتكرم بزيادة بيان ذلك حتى

لا يشكل الامر على احد الاخوة.

بل اني اذكر انه وبينا نحن في درس لسماحة العلم العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله ... اذ قدم شخص كبير السن فيه جلفة فصاح من آخر الحلقة وبعد ان خلص القارئ من القراءة.

صاح ذلك الرجل سائلا الشيخ (أذا دخل الرجل والامام راكع فهل له ان يتنحنح او يسبح اويحوقل حتى يتأخر الامام فيدرك الركعة)

فاجاب سماحة الشيخ: لاينبغى فعل ذلك.

فاجاب الاعرابي: هل هو حرام أم لا؟

فقال الشيخ لاينبغى له فعل ذلك.

فرد الاعرابي: هل هو حرام ام حلال؟

فرد الشيخ نفس الجواب وهذا من ورعه يرحمه الله. عن الجزم بالتحريم.

ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[25 - 08 - 03, 09:01 م]ـ

أخي الفاضل الكريم: المسيطير ... وفقه الله

قد بيَّنت ما ذكرته في قولي: " والاعتذار عن هؤلاء الأكابر لا بد أن يكون حملنا لصنيعهم على ورعهم من الجزم في قول دون تحريره، وعدم ترك السائل دون جواب ولو على هذا النحو ".

وهذا ما أشرت إليه وأنصفت فجزاك الله خيراً.

ثم بيَّنته أنت أيضاً في قولك: " وهذا من ورعه يرحمه الله. عن الجزم بالتحريم ".

@ فإذن الورع، وعدم تحرير الحكم، أوتردُّد المفتي في المسألة بين الكراهة والتحريم أوغيرهما يحمله أحياناً على قوله: (لا ينبغي).

@ وفي أقوال السابقين نجد بعض العبارات: (لا أحب هذا)، (لا يعجبني)، (ليس جيداً).

ولا يلزم اطِّراده في كل قول ومن كل قائل.

مرة أخرى .. جزاك الله خيراً - يا أخي الفاضل - لبيانك والفاتك لهذه النقطة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير