تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - ما رواه أبو داود في سننه أن النبي r قال: ((لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس - أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس - أحب إلي من أن أعتق أربعة)) (34) وغير ذلك من الأحاديث التي ورد فيها فضل مجالس الذكر وفضل الاجتماع عليه

واستدلوا كذلك ببعض الأحاديث التي ورد فيها ذكر الدعاء الجماعي، وهي أقرب ما يمكن أن يُستدل به في هذا الموضوع؛ لو سلمت من الطعن، وها هي بين يديك، مع ما قاله الأئمة المعتمدون في علم الجرح والتعديل في رواتها وأسانيدها.

الحديث الأول: عن أبي هريرة أن النبي r رفع يديه بعدما سلم وهو مستقبل القبلة، فقال: ((اللهم خلِّص الوليد بن الوليد، وعياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام، وضعفة المسلمين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، من أيدي الكفار)). أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (35)، وابن جرير في تفسيره (36). وفي سنده علي بن زيد بن جدعان، قال ابن حجر في التقريب: ضعيف (37)، ونقل الذهبي في السير (38) تضعيفه عن أحمد بن حنبل والبخاري والفلاس والعجلي، وغيرهم … انتهى.

ومع الضعف الذي في علي بن زيد، فليس فيه دليل على الدعاء الجماعي، وهذه الرواية مخالفة لما جاء في الصحيحين، وهو أن النبي r كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة يقول: ((اللهم أنج عياش ... )) (39) الحديث. أي يقول هذا الدعاء في قنوت الفجر، قبل الخروج من الصلاة.

الحديث الثاني: عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي قال: رأيت عبد الله بن الزبير ورأى رجلاً رافعاً يديه بدعوات قبل أن يفرغ من صلاته، فلما فرغ منها قال: إن رسول الله r لم يكن يرفع يديه حتى يفرغ من صلاته. رواه الطبراني في الكبير (40) وسنده ضعيف لضعف فضيل بن سليمان. فقد قال عنه ابن معين: ليس بثقة. وفي رواية: ليس هو بشيء ولا يكتب حديثه. وقال صالح جزرة: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ليس بالقوي. وقال النسائي: ليس بالقوي. وذكر أبو داود أنه استعار كتاباً من موسى بن عقبة فلم يرده. وكان عبد الصمد بن مهدي لا يحدث عنه. وقال أبو زرعة: لين الحديث، روى عنه علي بن المديني وكان من المتشددين ومع ضعف فضيل، ففي القلب شيء من رواية محمد بن أبي يحيى عن ابن الزبير، فلا أظنه أدركه، لأن وفاة ابن الزبير كانت سنة (73 هـ) ووفاة محمد كانت سنة (144 هـ) (41). ومعنى الحديث أنه r ما كان يرفع يديه حتى يفرغ من الصلاة وهو غير رافع يديه للدعاء، أو أنه كان يرفع بعد الفراغ من الصلاة للدعاء؛ ولكن ليس فيه أنه كان يجهر بالدعاء ويجهر المأمون بالتأمين. وعليه، فليس فيه دليل للدعاء الجماعي، وإنما هو دليل للدعاء منفرداً.

الحديث الثالث: عن أنس رضي الله عنه عن النبي r أنه قال: ((ما من عبد يبسط كفّيه في دبر كل صلاة ثم يقول: اللهم إلهي وإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وإله جبريل وميكائيل وإسرافيل، أسألك أن تستجيب دعوتي فإني مضطر وتعصمني في ديني فإني مبتلى، وتنالني برحمتك فإني مذنب، وتنفي عني الفقر فإني متمسكن. إلا كان حقاً على الله عز وجل ألا يرد يديه خائبتين)). رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (42)؛ والحديث فيه عبد العزيز بن عبد الرحمن وخصيف. أما عبد العزيز فقد ضعفه جمع من الأئمة، وأما خصيف فقد قال الحافظ ابن حجر فيه: صدوق سيء الحفظ خلط بأخرة، ورُمِي بالإرجاء. انتهى (43). وإضافة إلى هذا الضعف الذي في هذا الحديث، فليس فيه دلالة على المطلوب، بل هو كالحديثين السابقين.

الحديث الرابع: عن الأسود العامري، عن أبيه قال: صلَّيت مع رسول الله الفجر، فلما سلم، انحرف ورفع يديه ودعا قال العلامة المباركفوري (44): الحديث رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، كذا ذكر بعض الأعلام هذا الحديث بغير سند، وعزاه إلى المصنف. ولم أقف على سنده. فالله تعالى أعلم. أهو صحيح أو ضعيف؟. انتهى من التحفة. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (45)، وابن حزم في المحلى (46). وليس فيه: ((ورفع يديه ودعا) وإنما هو هكذا: حدثنا هُشيم قال: نا يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد الأسود العامري، عن أبيه قال: صليت مع رسول الله الفجر، فلما سلم انحرف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير