تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[09 - 09 - 03, 07:26 م]ـ

[هل يرد الطلاق الثلاث إلى واحدة]

(قوله: وإن الطلاق الثلاث يرد إلى واحدة إلخ) – أقول: قد أختلف أقوال الصحابة والتابعين والعلماء المتقدمين والمتأخرين في وقوع الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد، كما أنهم أختلفوا في وقوعه حالة الحيض، وقد كثرت الأدلة من الطرفين، وبسطت الأجوبة من الجانبين في كتبهم المفضلة، فمن الحنابلة الشيخ ابن تيمية في فتواه وغيرها، وتلميذه ابن قيم الجوزية في أعلام الموقعين وغيره، ومن الشافعية الشيخ ابن حجر في تحفة المحتاج وغيره، ومن الحنفية ابن الهمام في فتح القدير، وخير الدين الرملي، وابن عابدين في حاشيته على الدر المختار، والوالد في اماكن من تفسيره وغيرهم.

وكثرت الرسائل في ذلك، ولنذكر مختصر مازبروه، وتلخيص ما ذكروه. فمن ذلك ما قاله العلامة ابن القيم: إنه قد ذهب إلى عدم وقوع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة جمع من الصحابة، منهم الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وعن علي وابن مسعود روايتان: ومن التابعين عكرمة وطاوس، ومن تابعيهم محمد ابن إسحق، وأفتى به داود بن علي على مذهب أهل الظاهر. قال: وأفتى به بعض أصحاب الإمام أحمد، الإمام أحمد نفسه. أنتهى، ثم بسط بقية الأدلة، فإن أردتها فارجع إليه.

وقال الوالد عليه الرحمة ونفعنا الله تعالى به في تفسير سورة البقرة عند قوله تعالى: ? الطلاق مرتان ? [البقرة 229] من كلام مطنب: لو طلق بلفظ واحد لا يقع إلا بواحدة كما هو مذهب الإمامية، وبعض أهل السنة، ومنهم الشيخ أحمد بن تيميه ومن أتبعه احتجاجاً بهذه الآية، وقياساً على شهادات اللعان ورمي الجمرات، فإنه لو أتى بالاربعة بلفظ واحد لا تعد له أربعاً بالإجماع. وكذا لو رمى بسبع حصيات دفعة واحدة لم يجز إجماعاً.

ومثل ذلك لو حلف ليصلين على النبي ? ألف مرة فقال: صلى الله تعالى على النبي ألف مرة، فإنه لا يكون باراً ما لم يأت بآحاد الألف، وتمسكاً بما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي عن ابن عباس: كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله ? وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر واحدة، فقال عمر: إن الناس قد أستعجلوا في امر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه.

وذهب بعضهم إلى أن مثل ذلك ما لو طلق في مجلس واحد ثلاث مرات فإنه لا يقع إلا واحدة أيضاً، لما أخرج البيهقي عن أبن عباس قالوا: طلق ركانة امرأته ثلاثاً في مجلس واحد فحزن عليها حزناً شديداً، فسأله رسول الله ?: ((كيف طلقتها)) قال: طلقتها ثلاثاً، قال: ((في مجلس واحد) قال: نعم: قال: ((فإنما تلك واحدة، فأرجعها إن شئت)) فراجعها.

وأجاب الجمهور بأن القياس على شهادات اللعان والرمي في غير محله، ألا ترى أنه لا يمكن الاكتفاء ببعض ذلك بوجه، ويمكن الاكتفاء ببعض وحدات الثلاث في الطلاق، ولعظم امر اللعان لم يكتف به غلا بالإتيان بالشهادات واحدة واحدة، مؤكدة بالإيمان، مقرونة خامستها باللعن، فلعل الرجوع أو الإقرار يقع في البين فيحصل الستر، أو يقام الحد، ويكفر الذنب ورمي الجمرات وتسبيعها أمر تعبدي، وما ذكروا في مسألة الحالف في الصلاة فأمر أقتضاه القصد والعرف، وأما الآية فليست نصاً في المقصود، ولهذا ورد عن أهل البيت ما يؤيد مذهب أهل السنة، فعن مسلم عن جعفر بن محمد أنه قال: معاذ الله! ما هذا من قولنا؟ من طلق ثلاثاً فهو كافر كما قال. أنتهى باقتصار.

وإن أردت تفصيل أدلة الطرفين وأجوبتهما فعليك به ولا تغفل.

وقال العلامة ابن عابدين: والطلاق البدعي – أي الحرم – ثلاث متفرقة في طهر واحد. وكذا بكلمة واحدة بالأولى. وعن الإمامية: لا يقع بلفظ الثلاث ولا في حالة الحيض، لأنه بدعة محرمة. وعن ابن عباس: يقع به واحدة، وبه قال ابن إسحاق، وطاوي وعكرمة، لما في مسلم ان ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد النبي ?، وابي بكر وسنتين من خلافة عمر ? طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: إن الناس قد أستعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم، وذهب جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم من ائمة المسلمين إلى أن يقع ثلاث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير