تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: فإذا كان ذلك كذلك فكل ناقوس أو ما يشبهه من الأوعية المعدنية المختلفة صغيراً كان أو كبيراً منكوساً كان أم معتدلاً أو على جنب وكان فيه لسان من نحاس أو من حديد إذا أصطك بالوعاء أو الناقوس أحدث صلصلة فهو جرس فلا يختص بنوع دون نوع ولا يشترط فيه وضع دون وضع كان له لسان أو أكثر صدر بتحريك الدابة أو بالكهرباء (آلياً بلا عمل إنسان) فهو الجرس الذي سماه النبي مزمارالشيطان كما جاء في صحيح مسلم وذلك مثل المعازف التي حرمت فلا يشترط بقائها على الصفة القديمة كالطبل وغيره بل كل ما صدر منه صوت العزف فهو من المعازف فتغير الأسماء لايعني تغير حقيقة المسميات وقد جاء في صحيح البخاري حديث (ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) فلا يصلح أن يأتي أحد فيقول هذا البيانو والكمانجة وغيرها من آلات اللهو الحديثة ليست من المعازف التي جاء النهي عنها لمجرد عدم وجود نوعها في زمن النبي r ، فاصطكاك الأوتار ببعض الآلات عزف وإن تغير شكلها عما كانت عليه وكذلك جرس المدارس والمنبهات الساعاتية وما يوجد في العاب الأطفال فهي أجراس وإن تغير شكلها وصغر حجمها وأختلف طرق إحداث صوت الصلصلة التي هي مزمار الشيطان فلا يزال الناس اليوم يسمونه جرس بقاءً على الأصل وكذلك جرس الهاتف والمنبه الوقتي وجرس الأنذار للحريق وجرس التنبيه على السرعة في السيارات وغير ذلك فكل ذلك لايزالون يسمونه جرس إلا ما تغير صفة صوته عما كان يعرف في عهد النبي r فلا يصدر عنه صوت صلصلة كالمنبهات الصوتية الألكترونية

وهذا والقول في الجرس كالقول في الصور الفوتوغرافية والتلفزيونية المعاصرة الساكنة والمتحركة فهي صور محرمة ولا يزال الناس يسمونها صورة بقاءً على الأصل لأنها منسوخة عن الحقيقة وثبتت بألوان ونقشت بخطوط على ورق وهذا هو التصوير المحرم وإن قامت بهذه العملية الآلات فمن صنع الآلات؟ وما مثل من يقول ذلك إلا كمثل من قال الجرس في هذا العصر ليس بمحرم لأن الدابة كانت تتحرك عند المشي في ما مضى أما الآن فهو يتحرك بنفسه بواسطة الكهرباء أو الحاسب الآلي فلا ينبغي أن يتصور أن يحرم الله شيئاً كالخمر والصور والجرس ويكون فيه نفع أرجح من المفسدة فالمحرمات من هذه الأعيان إنما حرمت لتمحض المفسدة كشرب السم أو لغلبتها كالصور والخمر فقد سئل النبي عن الخمر فقال إنها داء وليست دواء مع أنه قد يحصل منها منفعة في البيع والشراء وغير ذلك وكذلك الجرس كما سيأتي دليل تحريمه في الفصل القادم.

(1)

حكم اقتناء الجرس والادلة على ذلك واقوال العلماء

روى مسلم في صحيحه (3950) عن أبي هريرة: أن رسول الله r قال الجرس مزامير الشيطان. وفي صحيحه أيضاً (2949) عن أبي هريرة: قال: قال رسول الله لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس قال النووي في شرح مسلم: فيه كراهة إصطحاب الكلب والجرس في الأسفار وأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها أحدهما والمراد بالملائكة ملائكة الرحمة والإستغفار لا الحفظه وسبب منافرة الملائكة له أنه شبيه بالنواقيس وقيل سبب كراهته صوتها وتؤيده رواية (الجرس مزامير الشيطان)

قلت: وهذا الراجح مع أن القول بالكراهة فقط فيه وقفة كما سيأتي ثم قال: وهذا الذي ذكرناه من كراهة الجرس على الإطلاق هو مذهبنا ومذهب مالك وآخرين وهي كراهة تنزيه وقال جماعة من متقدمي علماء الشام يكره الجرس الكبير دون الصغير قلت: ولا وجه للتفريق ما دامت صفة الصلصلة وإن أختلفت قوتها لصغر أو كبر في الوعاء أو تغيرت نغماتها واحدة (أي يقال عنها صلصلة جرس) وقال بن حجر في الفتح (6ــ 142) قال النووي الجمهور على الكراهة للتنزيه، وقال بعضهم للتحريم وقيل يمنع منه قبل الحاجة ويجوز إذا وقعت الحاجة. وقد أغرب بن حبان فقال الحديث محمول على الرفقة التي فيها رسول الله. انتهى كلامه. وقال محمد بن أحمد الغرناطي في كتاب القوانين الفقهية (1ــ294) ولا يجوز شد الأوتار على الدواب ولا تعليق الأجرس عليها للنهي عن ذلك في الحديث وهي الجلاجل الكبار دون الصغار أنتهى وقد قلت أنه لاوجه للتفريق بين الكبار والصغار كما سيأتي في الرد على بعض متقدمي الشام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير