كتاب أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها

حديث ابن مسعود دليل على أنه لا يجوز تغيير شيء من خلقها الذي خلقها الله عليه بزيادة أو نقصان، التماس الحسن لزوج أو غيره، سواء فلجت أسنانها أو وشرتها، أو كان لها سن زائد فأزالتها .. لأن كل ذلك تغيير خلق الله" (١) اهـ.

ثم نقل عن القاضي عياض -رحمه الله- (٢) تعليقه على قول الإمام الطبري هذا فقال: "قال عياض: ويأتي على ما ذكره أن من خلق بأصبع زائدة، أو عضو زائد لا يجوز له قطعه ولا نزعه، لأنه من تغيير خلق الله تعالى" (٣) اهـ.

فتبين من هذا كله أنه لا يجوز قطع الأصبع الزائدة التي لم توجد الحاجة لقطعها، وأن قطعها على هذا الوجه يعتبر داخلاً في المنهي عنه الملعون فاعله وطالبه، ومن ثم فإنه يعتبر من كبائر الذنوب -والعياذ بالله-، ولذلك نص الإمام أحمد -رحمه الله- على حرمة قطعها (٤).

وقد ذهب الدكتور محمد عثمان شبير (٥) إلى القول بجواز قطع

= أحد الأئمة، جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره" اهـ. كان شافعي المذهب ثم انفرد بمذهب مستقل وألف كتابه: أحكام شرائع الإسلام، توفي -رحمه الله- سنة ٣١٠ هـ. من مؤلفاته: جامع البيان في تفسير القرآن، وتاريخ الأمم. طبقات المفسرين للسيوطي ٣٠، ٣١.
(١) تفسير القرطبي ٥/ ٣٩٣.
(٢) هو القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي المالكي، ولد -رحمه الله- بسبتة سنة ٤٩٦ هـ، قال عنه ابن فرحون -رحمه الله-: "كان القاضي أبو الفضل إمام وقته في الحديث، وعلومه، عالمًا بالتفسير وجميع علومه، فقيهًا أصوليًا، عالمًا بالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم" اهـ. توفي -رحمه الله- بمراكش سنة ٥٤٤ هـ، وله مصنفات منها: إكمال المعلم، والشفا، ومشارق الأنوار. الديباج المذهب لابن فرحون ١٦٨ - ١٧٢.
(٣) تفسير القرطبي ٥/ ٣٩٣.
(٤) الإنصاف للمرداوي ١/ ١٢٥.
(٥) أستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت.