للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: أن الوجه الأول مردود بأن الفقهاء -رحمهم الله- اشترطوا ما يوجب غلبة الظن بوجود الجنين وذلك ببلوغه لستة أشهر فأكثر وهي مدة يغلب على الظن فيها حياته (١)، فانتفى وصف الحياة بكونها موهومة، وأصبح الوهم فيما يقابل غلبة الظن وهو احتمال أن يكون الجنين ميتًا.

الثاني: أن الوجه الثاني مردود بأن عيش الجنين أو موته بعد خروجه أمر مرده إلى الله تعالى، والقطع بأحد الاحتمالين مستحيل، والحكم بغلبة الظن والعادة المذكورة لعله حدث فيما كان دون المدة السابقة التي اشترطها الفقهاء -رحمهم الله- القائلون بجواز الشق (٢)، ولو حدث فيمن بلغ المدة المذكورة فإنه يحتمل أن يكون ذلك بسبب عدم توفر العناية اللازمة، والتي تيسرت بفضل الله تعالى في هذا العصر الحديث.

رابعًا: أن من فقهاء المالكية والحنابلة الذين حكموا بعدم جواز شق بطن الحامل من أجل إنقاذ الجنين الذي يتحرك في بطنها من يرى جواز الشق عن بطن الميت إذا بلع مال غيره بغير إذنه ولم يبذل ورثته


(١) حاشية الدسوقي ١/ ٤٧٤، منح الجليل لعليش ١/ ٣٢٠، شرح الخرشي ٢/ ٤٩، المجموع للنووي ٥/ ٣٠١، نهاية المحتاج للرملي ٣/ ٣٩، مغني المحتاج للشربيني ١/ ٣٧٧، المحلى لابن حزم ٥/ ١٦٦.
(٢) يشهد لذلك حياة الجنين الذي أمر الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- بشق بطن أمه.
انظر الأشباه والنظائر لابن نجيم ٨٨، ونقل بعض المالكية -رحمهم الله- حادثة مثلها اختلف فيها أشهب بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن القاسم فأجاز الأول الشق ومنع الثاني، فأخذ بقول أشهب وعاش الجنين. انظر: الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني لابن غنيم ١/ ٣٥١.

<<  <   >  >>