للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هذا كله نخلص إلى وجوب فعل هذا النوع من الجراحة الطبية، وأنه لا يجوز للطبيب الجراح أن يمتنع من فعلها بدون عذر شرعي، والنصوص السابقة من كلام أهل العلم -رحمهم الله- واضحة في الدلالة على ذلك، بل نص بعضهم على أنه إذا امتنع الإنسان من فعل الشق متعمدًا فإنه يعتبر قاتلاً.

قال الإمام أبو محمد علي بن حزم الظاهري -رحمه الله-: "ولو ماتت امرأة حامل، والولد حي يتحرك قد تجاوز ستة أشهر فإنه يشق بطنها طولاً، ويخرج الولد، لقول الله تعالى: {وَمَنْ أحْيَاهَا فَكَأنَّمَا أحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (١)، ومن تركه عمدًا حتى يموت فهو قاتل نفس ... " (٢) اهـ.

وللحكم بوجوب الجراحة وشق بطن الحامل الميتة في هذه الحالة شرط نص عليه بعض الفقهاء القائلين بالوجوب وهو رجاء حياة الجنين، وفسر باكتمال الأشهر التي يغلب على الظن فيها الحكم بحياته، وهي عندهم سته أشهر، (٣) ومنهم من قال ستة أشهر فأكثر دون حد (٤)، ومنهم من قال سبعة أشهر، أو تسعة أشهر فأكثر (٥).

وورد في الموسوعة الطبية الحديثة - التي أشرف على تأليفها عدد من الأطباء المختصين ما يشهد باعتبار ما بعد الستة الأشهر فرصة لبقاء


(١) سورة المائدة (٥) آية ٣٢.
(٢) المحلى لابن حزم ٥/ ١٦٦.
(٣) المجموع للنووي ٥/ ٣٠١، نهاية المحتاج للرملي ٣/ ٣٩، مغني المحتاج للشربيني ١/ ٣٧٧، ترشيح المستفيدين للسقاف ١٣٨.
(٤) المحلى لابن حزم ٥/ ١٦٦.
(٥) حاشية الدسوقي ١/ ٤٧٤، منح الجليل لعليش ١/ ٣٢٠.

<<  <   >  >>