كتاب أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها

قرون عديدة (١).

وقد تحدث -رحمه الله- في كتابه "التصريف" عن العلوم الطبية بمختلف فروعها ومجالاتها، وأفرد للجراحة الطبية موضعًا معينًا من ذلك الكتاب النفيس، وهو [المقالة الثلاثون]، ويعد ذلك أول من اعتبر الجراحة فرعًا مستقلاً، وأول من أفرد معلوماتها بمبحث مستقل بعد أن كانت متناثرة ومندرجة تحت أبواب الفروع الطبية الأخرى (٢).

وقد مهد -رحمه الله- بهذه المقالة الطريق أمام المشتغلين بعلم الجراحة، وكان له فضل كبير على جميع الجراحين الذين جاءوا من بعده سواء كانوا من المسلمين أو من غيرهم (٣)، وقد تأثر به من كتب في

(١) استمر هذا الكتاب مدة خمسة قرون وهو يعتبر عمدة في علم الجراحة في أوربا وغيرها، وترجم إلى اللغة العبرية، كما ترجم إلى اللغة اللاتينية بفينيسيا سنة ١٤٩٧ م، وستراسبورغ سنة ١٥٣٢ م، وبال سنة ١٥٤١ م، أما المقالة العاشرة المختصة بعلم الجراحة فقد طبعت منفردة بترجمتها الكاملة باللغة اللاتينية في مدينة أوغنورك سنة ١٥١٩ م، وطبعت بالعبرية مع ترجمة لاتينية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وتوجد بدار الكتب المصرية بالقاهرة نسختان من المقالة العاشرة من هذا الكتاب، والنسخة الأولى منها تحت رقم (طب ٩٣٥) وتقع في جزأين، وقد طبعت في لندن سنة ١٧٧٨ م بنصها العربي مصحوباً بالترجمة اللاتينية. والنسخة الثانية عربية طبعت في لكنو بالهند سنة ١٩٠٨ م. دراسات في تاريخ العلوم عند العرب حكمت نجيب عبد الرحمن ص ٥٦ - ٥٧. وتاريخ الطب للشطي ص ٢٧٩، والجراحة عند الزهراوي د. أحمد مختار منصور من بحوث المؤتمر العالمي الثاني عن الطب الإسلامي، ثبت بالمؤتمر ٤/ ٤٥٢، ٤٥٣.
(٢) يقول الدكتور محمود الحاج قاسم: "اعتبر الزهراوي بحق أول من فرق بين الجراحة وغيرها من المواضيع الطبية ... " اهـ. الطب عند العرب والمسلمين. د. محمود الحاج قاسم ١٠٦.
ويقول الدكتور عبد العظيم الديب: "إن عظمة الزهراوي تكمن حقًا في أنه أول من عني بالجراحة وجعلها فرعًا مستقلاً ... اهـ". أبو القاسم الزهراوي أول طبيب جراح في العالم. د. الديب ص ١٠٠.
(٣) يقول عالم وظائف الأعضاء "هالر": "إن جميع الجراحين الأوربيين الذين ظهروا =