للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول هل يؤاخذ المريض بإقراره أثناء التخدير والإفاقة؟]

يتساءل بعض المختصين بالتخدير عن حكم إقرار المريض أثناء التخدير واعترافه بحقوق الله تعالى وغيرها كالمعاصى التي توجب الحد الشرعي هل يؤاخذ عليها، وتشرع الشهادة عليه بها حُسْبَةً أم لا؟.

والجواب: أن إقرار المريض أثناء التخدير الجراحي وعند الإفاقة لا يعتبر إقرارًا صحيحًا من الناحية الشرعية نظرًا لأن شرط صحة الإقرار أن يكون المقر عاقلاً (١)، والمخدر فاقد للإدراك والشعور ومن ثمَّ تخلف فيه شرط صحة إقراره فلا يقبل منه (٢).

والأصل في اشتراط هذا الشرط ما ثبت في الصحيح من حديث بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- في قصة ماعز بن مالك -رضي الله عنه- لما اعترف بالزنى عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وردّه أربع مرات، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشربت خمرًا؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر ... " (٣). فقد دل هذا الحديث على عدم صحة إقرار الشخص الفاقد لعقله بسبب الجنون أو السكر.


(١) تكملة فتح القدير لقاضي زاده ٦/ ٢٨١، جواهر الإكليل للأبي ٢/ ١٣٢، المهذب للشيرازي ٢/ ٣٤٣، المغني لابن قدامة ٥/ ١٤٩، ١٥٠.
(٢) المغني لابن قدامة ٥/ ١٥٠، الدر المختار للحصكفي ٢/ ٢٣٤، روضة الطالبين للنووي ٤/ ٣٥٠، مغني ذوي الأفهام لابن عبد الهادي ٢٤٠.
(٣) رواه مسلم في صحيحه ٣/ ١٠٩، ١١٠ وقوله استنكهه أي شم رائحة فمه. شرح صحيح مسلم للنووي ١١/ ٢٠٠.

<<  <   >  >>