للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: دولة الغساسنة

قام الغساسنة على أطراف جنوب الشام وما يمتد حتى منطقة الجولان جنوبي دمشق، بمثل الدور الذي قام به اللخميون المناذرة على أطراف العراق. أي: بتكوين دولة حاجزة ووسيطة على أطراف بادية الشام تدين بالولاء لدولة الروم البيزنطية وتنتفع منها وتعمل باسمها، وكانوا أحدث عهدًا من المناذرة بنحو قرنين من الزمان. كما كان أتباعهم أقل استقرارًا في حواضرهم من أهل الحيرة. وربما كانوا أقل ثراء وبذخًا أيضًا من المناذرة، وأخذ المسيحيون منهم بالمذهب المونوفيستي اليعقوبي دون المذهب النسطوري الذي أخذ به أغلب مسيحيي الحيرة.

أطلق المؤرخون المسلمون على القبائل التي انتسب الملوك الغساسنة إليها اسم آل جفنة وآل ثعلبة فضلًا عن آل غسان. وذكروا أن غسان كان اسم ماء نزلوا عليه فسموا باسمه. وأضافوا أنهم نزلوا في جنوب الشام بجوار قبائل عربية قوية تدعى قبائل الضجاعمة، وهي من قضاعة، استخدمها الروم البيزنطيون في حماية حدود أملاكهم الصحراوية، فخضع الغساسنة لها حينًا وتألبوا عليها حينًا حتى أجلوها عن مواضعها فتفرقت وورثوها في أرضها وفي شهرتها، وحينذاك أقرهم الروم على مكانتهم التي حصلوا عليها بسيوفهم، ليعملوا باسمهم على مناطق الحواف وفي قوافل التجارة. وكانوا يخصصون لهم بعض موارد الشام المالية ليستعينوا بها في تقوية إمارتهم ونفقات جيشهم.

وذكر المؤرخون عددًا كبيرًا من الحكام الغساسنة تراوح بين الأحد عشر وبين الاثنين والثلاثين، وخلعوا عليهم ألقاب الملوك. ولكن يذهب الترجيح إلى أن عددًا من حكامهم الأوائل لم يكونوا أكثر من مشايخ قبائل كيسار خلع البيزنطيون عليهم لقب Phylarchos بمعنى وال، ولقب Patrieius بمعنى أب أو بطريق

<<  <   >  >>