للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: ممهدات العصور التاريخية في شبه الجزيرة العربية]

[مدخل]

...

[الفصل الثاني: ممهدات العصور التاريخية في شبه الجزيرة العربية]

أسلفنا أن المفهوم العلمي للتاريخ القديم في شبه الجزيرة العربية لا يقتصر على عهود الجاهلية بمعناها التقليدي المحدود، وإنما يمتد كذلك إلى حضارات أخرى سبقتها بعصور طويلة وآماد بعيدة.

وبدأ النشاط العملي للإنسان القديم فيما قبل التاريخ في المناطق الصالحة للإقامة خلال ما يسمي اصطلاحًا باسم الدهور الحجرية تلك التي تبعد أزمنتها عن عصرنا الحاضر بعشرات الآلاف من الأعوام. وقد قدمنا عنها فى الفصل الثاني من كتابنا عن الشرق الأدنى القديم أنه تعاقبت خلالها على شبه الجزيرة العربية وغيرها من مناطق العروض الوسطي في الشرق الأدنى، عصور مطيرة طويلة، وعصور جفاف عنيف طويلة أيضًا (وذلك في مقابل ما شهدته العروض العليا في أوربا مثلًا من عصور تقدم الجليد وعصور تراجعه).

وكان لكل طائفة من هذه العصور نباتاتها وحيواناتها المناسبة لظروفها، كما أن تأثيراتها الطبيعية أي تأثيرات العصور المطيرة وعصور الجفاف يمكن ترسمها جزئيًا حتى الآن في تكوينات الأودية الكبيرة التى يجري بعضها ناحية الخليج العربي، ويجري بعضها ناحية البحر الأحمر، ويضيع معظمها الآخر في قلب الصحراء. ومن هذه وتلك وادي الحمض ووادي الرمة ووادي حنيفة ووادي فاطمة ووديان حضرموت وبيجان وحريب وأذنة .. إلخ. وكلها كانت قد شقتها مياه أمطار غزيرة في فترات قديمة طويلة. ويغلب على الظن أن مدرجاتها لا تزال تحتفظ ببعض أدوات الدهور الحجرية، وهي أدوات متواضعة صنعها الإنسان البدائي واستخدمها في الدفاع عن نفسه وفي صيد الحيوان وفي تحصيل قوته. وعثر على نماذج منها في أنحاء مختلفة من الأحساء والعروض، والأطراف الشمالية، ومناطق متفرقة من دول الخليج واليمن الشمالي والجنوبي. وفي البداية عثر على أغلبها عن طريق المصادفة، ولكن عددًا من بعثات الآثار الدانمركية

<<  <   >  >>