للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التقديم والتأخير]

فصل ١: "القول في التقديم والتأخير"

٩٨ - هو بابٌ كثيرُ الفوائد، جَمُّ المَحاسن، واسعُ التصرُّف، بعيدُ الغاية، لا يَزالُ يَفْتَرُّ لك عن بديعةٍ، ويُفْضي بكَ إِلى لَطيفة، ولا تَزال تَرى شِعراً يروقُك مسْمَعُه، ويَلْطُف لديك موقعُه، ثم تنظرُ فتجدُ سببَ أَنْ راقكَ ولطفَ عندك، أن قُدِّم فيه شيءٌ، وحُوِّل اللفظُ عن مكانٍ إلى مكان.

٩٩ - واعلمْ أَنَّ تقديمَ الشيء على وجهينِ٢:

تقديمٌ يُقال إِنه على نيَّةِ التأخير، وذلك في كلَّ شيءٍ أًَقرَرْتَه معَ التقديمِ على حُكْمِه الذي كان عليه، وفي جنسهِ الذي كانَ فيه، كخبرِ المبتدأ إِذا قدَّمْتَه على المبتدأ، والمفعولِ إِذا قدَّمتَه على الفاعل كقولك: "منطلق زيد" و "ضرب عمرًا زيد"، معلوم أن "منطلق" و "عمرًا" لم يَخْرجا بالتقديم عمَّا كانا عليه، من كونِ هذا خبرَ مبتدأ ومرفوعاً بذلك، وكونَ ذلك مفعولاً ومنْصوباً من أجله كما يكونُ إِذا أَخَّرْتَ.

وتقديمٌ لا على نيَّةِ التأخيرِ، ولكنْ على أنْ تَنقُلَ الشيءَ عن حُكْمٍ إِلى حكمٍ، وتجعلَ له بابا غيرَ بابهِ٣، وإِعراباً غيرَ إِعرابهِ، وذلك أَن تجيءَ إلى اسمين


١ "فصل"، ليس من المخطوطتين.
٢ في "س": "تقديم الشيء على الشيء".
٣ في المطبوعة: "وتجعله بابًا".