للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان السؤالُ عن المُعْطي، أكان ممن عرَفَه قبلُ، أم كان إنساناً لم تتقدَّمْ منه معرفة له١.

تقديم النكرة في الخبر ومعناه:

١٣٩ - وإذْ قد عرفتَ الحكْم في الابتداءِ بالنَكرةِ في "الاستفهام" فأين "الخَبرَ" عليه. فإِذا قلتَ: "رجلٌ جاءَني": لم يَصْلُح حتى تُريدَ أَن تُعلِمَه أنَّ الذي جاءك رجلٌ لا امرأة، ويكونُ كلامُكَ مع مَن قد عَرَف أنْ قد أتاكَ آتٍ. فإِن لم تُرد ذاك، كان الواجبُ أن تقولَ: "جاءَني رجلٌ"، فَتقَدِّمَ الفعلَ.

وكذلك إنْ قلتَ: "رجلٌ طويلٌ جاءَني" لم يستَقِمْ حتى يكونَ السامعُ قد ظَنَّ أنه قد أتاك قصيرٌ، أو نزَّلْتَه منزلة من ظن ذلك.

تفسير قولهم: "شر أهر ذاناب":

١٤٠ - وقولههم "شراهر ذَا نابٍ"٢، إنَّما قُدِّمَ فيه "شرٌّ"، لأنَّ المرادَ أن يُعلم أنَّ الذي أهرَّ ذا النابِ هو مِن جِنْسِ الشرِّ لا جِنْسِ الخير، فَجَرى مَجْرى أن تقولَ: "رجلٌ جاءني" تريدُ أنه رجلٌ لا امرأة، وقولُ العلماءِ إنه إنَّما يصلحُ،٣ لأَنَّه بمعنى "ما أهَرَّ ذا نابٍ إلاَّ شرٌّ".

بَيانٌ لذلك: ألا تَرى أنَّك لا تَقول: "ما أتاني إلا رجلٌ"، إلا حيثُ يَتَوهَّمُ السامعُ أنه قد أتتك امرأة، ذاك لأن الخبر ينقض النفي يكون حيث يراد


١ "له"، ليست في المطبوعة.
٢ أمثال الميداني ١: ٣٢٦، وهو مثل يضرب عند ظهور أمارات الشر ومخايله، و "أهر" حمله على "الهرير"، وهو أن يكثر السبع عن أنيابه ويصوت إذا رأى ما يفزعه. و "ذو الناب"، السبع.
٣ يعني: إنما يصلح في الابتداء بالنكرة.