للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفروق في الخبر: التعريف بالذي]

هذا فصل في "الذي" خصوصًا:

"الذي"، ومجيئه لوصف المعارف بالجمل، وما تحتها من الأسرار:

٢١١ - إعْلَمْ أنَّ لك في "الذي" عِلماً كثيراً، وأسرار جمَّةً، وخفايا إذا بحثْتَ عنها وتصوَّرْتَها أطَّلَعْتَ على فوائدَ تُؤنِسُ النفسَ، وتُثلِجُ الصدرَ، بما يُفْضي بكَ إليه منَ اليقين، ويُؤدِّيه إليكَ من حُسْن التَّبيين.

والوجْهُ في ذلك أنْ تتأملَ عباراتٍ لهمْ فيه لِمَ وُضِعَ، ولأيِّ غرَضٍ اجْتُلِبَ، وأشياءَ وصَفُوه بها. فمن ذلك قولهم: "إن "الذي" اجْتُلِبَ ليكونَ وصْلَةً إلى وصْفِ المعارفِ بالجُمل، كما اجتُلِب "ذو" ليُتَوصَّل به إلى الوصْف بأسماءِ الأجناس"، يعنون بذلك أنك تقولُ: "مررتُ بزيدٍ الذي أبوه منطلِقٌ" و "الرجل الذي كان عندنا أمسي"، فتجدك قد توصلت بـ "الذي" إلى أن أَبَنْتَ زيداً مِنْ غَيره، بالجملة التي هو قولُك: "أبوه منطلِقٌ"، ولولا "الذي" لم تَصِلْ إلى ذلك كما أنك تقولُ: "مررتُ برجلٍ ذي مال" فتتوصل بـ "ذي" إلى أن تبين الرجلُ من غيرهِ بالمال، ولولا "ذو" لم يتأتَّ لكَ ذلكَ، إذ لا تستطيعُ أن تقول: "برجل مالي".

٢٢٢ - فهذه جملةٌ مفهومةٌ؟ إلا أنَّ تحتَهَا خبايا تحتاجُ إلى الكشفِ عنها. فمِنْ ذلك أنْ تَعلم مِنْ أينَ امتنَعَ أن توصَفَ المعرفةُ بالجملة، ولِمَ لمْ يكُن حالُها في ذلك حالَ النكرةِ التي تَصِفُها بها في قولكَ: "مررتُ برجل أبوه منطلق": و "رأيت إنسانًا تقاد الجنائب بين يديه"١.


١ "الخبائب" جمع "جنيبة"، وهي الدابة تقاد، ويعني أنه أمير أو سلطان.