للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب الفصل والوصل]

بسم الله الرحمن الرحيم

القول في الفصل والوصل:

٢٤٨م- اعلمْ أنَّ العلمَ بما ينبغي أن يُصْنَعَ في الجملِ من عطفِ بعضها على بعضٍ، أو تركِ العطفِ فيها والمجيءَ بها منثورة، تُسْتَأْنَفُ واحدةٌ منها بعد أخرى١ من أسرارِ البلاغة، ومما لا يتأتَّى لتمامِ الصَّوابِ فيه إلاَّ الأعرابُ الخُلَّص٢، والإَّ قَوْمٌ طُبِعُوا على البلاغة٣، وأوتوا فنَّاً مِنَ المعرفة في ذوقِ الكلامِ هم بها أفرادٌ. وقد بلغَ من قوة الأمر في ذلك أنَّهم جعلوهُ حَدّاً للبلاغة، فقد جاء عَنْ بعضهم أنه سُئِل عنها فقال: "مَعْرِفَةُ الفَصلِ منَ الوصلِ"٤، ذاك لغموضِه ودقِة مَسْلكِه، وأّنَّه لا يَكْمُلُ لإِحرازِ الفضيلة فيه أحدٌ، إلاَّ كَمَلَ لسائِر معاني البلاغة.

٢٤٩ - واعلم أنَّ سبيلَنا أن ننظَر إلى فائدةِ العطف في المُفْرد، ثم نَعودَ إلى الجملة فننظرَ فيها ونتعرفَ حالَها.

ومعلومٌ أن فائدَةَ العطف في المُفردِ أن يُشْرِكَ الثاني في إِعراب الأول، وأنه إذا أَشْرَكَه في إِعرابه فقد أَشْرَكَه في حُكْمِ ذلك الإِعرابِ، نحو أن المعطوف على


١ السياق: "اعلم أن العلم بما ينبغي .... من أسرار البلاغة".
٢ في المطبوعة وحدها: "ما لا يأتي".
٣ في المطبوعة وحدها" "والأقوام طبعوا ... ".
٤ في هامش "ج" هنا حاشية: إنما سئل عن ذلك أبو تمام الطائي، وفي البيان والتبيين١٤: ٨٧: "قيل للفارسي: ما البلاغة؟ قال: معرفة الفصل من الوصل".