للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرفوع بأنه فاعلٌ مثلُه، والمعطوفَ على المنصوبِ بأنَّه مفعولٌ به أو فيه أوْ لُه شريكٌ له في ذلك.

وإذا كان هذا أصلَه في المفرد، فإِنَّ الجملَ المعطوفَ بعضُها على بعضٍ على ضربين:

أحدُهما: أن يكونَ للمعطوفِ عليها موضعٌ من الإِعراب، وإذا كانت كذلك، كان حكمها حكم المفرد، إذ لا يكون للجملة موضع من الإعراب حتى تكونَ واقعة موقعَ المفرد، وإذا كانت الجملةُ الأولى واقعة موقعَ المُفْرَدِ، كان عطفُ الثانية عليها جارياً مجرى عطف المفرد على المفرد١، وكان وجهُ الحاجة إلى "الواو" ظاهراً، والإِشراكُ بها في الحُكْمِ موجوداً، فإذا قلتَ: "مررتُ برجلٍ خُلُقهُ حَسَنٌ وخَلْقه قبيحٌ" كنتَ قد أشركتَ الجملَة الثانيةَ في حُكمِ الأُولى، وذلك الحكمُ كونُها في موضع جرٍّ بأَنَّها صفةٌ للنكرة. ونظائرُ ذلك تَكْثُر، والأمرُ فيها يَسْهُلُ.

والذي يشكلُ أمُره هو الضربُ الثاني، وذلك أن تَعطِفَ على الجملةِ العاريةِ الموضعِ من الإِعرابِ جملة أخرى، كقولك: "زيد قائم، وعمرو قاعد" و "العلم حسنٌ، والجهلُ قبيحٌ"، لا سبيلَ لنا إلى أن ندَّعيَ أن "الواوَ" أشركتِ الثانيةَ في إعراب قد وجب للأولى بوجه من الوجه. وإذا كان كذلك، فينبغي أنْ تعلمَ المطلوبَ مِنْ هذا العطفِ والمغْزى منه، ولمَ لَمْ يَسْتَوِ الحالُ بينَ أن تعطِفَ وبَيْنَ أن تَدَعَ العطفَ فتقولَ: "زيدٌ قائمٌ، عمروٌ قاعدٌ"، بعد أن لا يكونَ هنا أمرٌ معقولٌ يؤتَى بالعاطفِ ليُشْرِكَ بين الأولى والثانيةِ فيه؟


١ في "ج": " .... واقعة موقوع المفرد، وكان وجه الحاجة ... "، وأسقط كلمات، وفي المطبوعة: " .... مجرى عطف المفرد، وكان وجه الحاجة"، أسقط "على المفرد".