للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحسبنا أنْ نذكر تعريفه من حيث موضوعه: هو علم يعرف به أقوال رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأفعاله وأحواله.

وينقسم إلى قسمين: علم الحديث رواية، وعلم الحديث دراية.

أما من حيث الرواية فهو علم يشتمل على أقوال النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأفعاله، وروايتها وضبطها، وتحرير ألفاظها.

وأما من حيث الدراية فهو علم يُعْرَفُ منه حقيقة الرواية، وشروطها، وأنواعها، وأحكامها، وحال الرُواة، وشروطهم، وأصناف المرويَّات، وما يتعلق بها (١).

بين السُنَّة والحديث:

وبهذا يَتَبَيَّنُ أنهما مُتَرَادِفَانِ لدى غالب المُحَدِّثِينَ والأصوليين، باعتبار أنَّ كُلٍّ منهما إضافة قول أو فعل .. الخ، وأنه إذا كان هناك مِنْ تَبَاُيٍن فإنه يبدو في الإطلاق اللغوي (٢)، وأنَّ الشعور بالترادف أو التقارب - على الأقل - يساور العلماء، وتذكر دواوين السُنَّة أفعال النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مبثوثة بين أحاديثه القولية، ولم يفردها من المسلمين أحد بالرواية - فيما نعلم (٣) - كما لم يفرد الأقوال أحد عن الأفعال، ولما استقرت دواوين السُنَّة المُسنَدَةِ من الصحاح والسُنن والمسانيد والمُوَطَآتِ والمُسْتَخْرَجَاتِ وغيرها، في القرن الخامس تقريباً، وبدأ عصر التجميع منها، جمع الشيخ ابن العاقولي، وهو محمد بن محمد بن عبد الله (٧٣٣ - ٧٩٧ هـ) كتابه " الرصف لما روي عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الفعل والوصف " قال في مقدمته (٤): أما الأفعال فلم نر من اعتنى بجمعها مفصَّلة قبل كتابنا هذا، وإنما تذكر في أثناء الأقوال، وذلك لأَنَّ القول عندهم أدلّ من الفعل، وهو كذلك، إلاَّ أنَّ الفعل القائل زيادة تأكيد ليست للقول وحده خصوصاً، وقد قال رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما رواه البخاري


(١) " تدريب الراوي ": ١/ ٤٠ - ٤١.
(٢) انظر " توجيه النظر ": ص ٢ - ٣، و " كشاف اصطلاحات الفنون ": ١/ ٢٧٩.
(٣) " أفعال الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ": ص ٥١ - ٥٣ بتصرف.
(٤) " الرصف لما روي عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الفعل والوصف ": ١/ ٣.

<<  <   >  >>