للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (١).

إلى غير ذلك من أوامر الله في كتابه، مِمَّا لا يجهله مسلم، واتِّباعاً لأمر رسول الله نفسه، في الأحاديث الصحيحة المُتكاثرة، وفيما ثبت عملياً بالتواتر .. وهذا الموضوع أطال البحث فيه العلماءُ السَّابِقُونَ وأبْدعوا، حتى لم يَدَعُوا قولاً لقائل أو كادوا، وكُتُب السُنَّة وكتب الأصول وغيرها مستفيضة، والباحث المنصف يستطيع أنْ يتبيَّن وجه الحق، ويكفي أنْ نشير إلى كتابين فيهما مقنع لمن أراد:

كتاب " الرسالة " للشافعي بتحقيقنا وشرحنا، ط الحلبي ١٩٣٨، وكتاب " الروض الباسم في الذَبِّ عن سُنَّةِ أبي القاسم " للعلاَّمة محمد بن إبراهيم الوزير اليمني، المتوفَّى سنة ٨٤٠ هـ. ط المنيرية، فإني رأيت كاتب المقال لم يُشِرْ فيه من أوله إلى آخره إلى مصدر عربي أو إسلامي رجع إليه في بحثه، وهذا عجب!.

[تناقض وتهافت:]

وأمَّا عن مفهوم الحديث فيقول عنه جُولْدْتسِيهِرْ بأنه: الشكل الذي وصلت به السُنَّة إلينا، فَهُمَا - أَيْ السُنَّة والحديث - ليسا بمعنى واحد، وإنما السُنَّة دليل الحديث، فهو عبارة عن سلسلة من المُحَدِّثِينَ الذين يوصلون إلينا هذه الأخبار والأعمال المشار إليها طبقة بعد طبقة، مِمَّا ثبت عند الصحابة أنه حَازَ موافقة الرسول في أمور الدين والدنيا، وما ثبت أيضاً حسب هذا المعنى من المُثُلِ التي تُحْتَذَى كل يوم (٢).

وناقض جُولْدْتسِيهِرْ نفسه في مفهوم الحديث في موضع آخر حين قال: جعل الخلف من الحديث موضع ثقته الكبرى، لاشتماله على ما أثر من أقوال وأفعال السلف الذين يعدُّهُم أئمة الهُدَى ومنار النهج القديم (٣).


(١) [النحل: ٤٤].
(٢) " المُسْتَشْرِقُونَ وَمَصَادِرِ التَشْرِيعِ الإِسْلاَمِي ": ص ٨٣، و " العقيدة والشريعة ": ص ٤٩.
(٣) " العقيدة والشريعة ": ص ٢٥٢.

<<  <   >  >>