للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صورة بسيطة وشبه كاملة لحياة المسيح , كما أصبح واضحا أنَّ الأناجيل ومصادرها في أول الأمر عبارة عن انعاكاسات العقائد لكنائس المسيحية الأولية (١).

إذن هذه الكتب مصادرها مجهولة , ولا يمكن الإعتماد عليها كلياً , لأنها لا تمثل آراء وأفكار وتعاليم عيسى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - , بقدر ما تمثل النظريات العقائدية المسيحية للكنائس البدائية!

والأمر لا ينتهي إلى هذا الحد , فهناك أمر آخر أكثر أهمية من هذا , وهو أنه حصل تَحَوُّلٌ خطير عند النصارى في نظراتهم وأفكارهم ومُعتقداتهم بين الكنيسة الفلسطينية البدائية وبين الكنائس الرومية التي تأثَّرت بالروح الهلينية (٢).

ومن الواضح أنَّ الأناجيل الأربعة تمثل التَحَوُّلَ الغربي , ولا تعطينا فكرة واضحة عن الأفكار التي كانت سائدة في فلسطين في تلك الأيام!

والمُتَّفق بين الجميع أنَّ الأناجيل كلها ما عدا " مَتَّى " كتبت باللغة اليونانية , أما " مَتَّى " فقد كتب بالآرامية , ثم ترجم إلى اليونانية , والأصل ضائع ولكن البحث العلمي لا يؤيِّد هذا الإدعاء , وأصبح هناك شبه إجماع على أنها كلها كتبت باللغة اليونانية! (٣).

كما أننا نجهل المؤلفين , ونجهل كذلك مقدرتهم العلمية لترجمة كلام عيسى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - من الآرامية إلى اليونانية , ولا يبدو أنَّ هؤلاء الكُتَّاب كانوا قد وصلوا إلى منزلة كبار الأدباء باليونانية , ولذلك لم نجد للأناجيل محلاً في المضمار الأدبي!

تلك إشارات إلى المجاهيل والمتاهات التي تواجه الباحث عن الأناجيل , وهي لا شك ظلمات بعضها فوق بعض!

ولإستخلاص بعض كلمات عيسى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - , والروايات المسيحية الخالية


(١) انظر: المصادر الأصلية في المرجع السابق: ٩٩.
(٢) انظر: المصدر الأصلي في المرجع السابق.
(٣) انظر: المصادر الأصلية في المرجع السابق: ١٠٠.

<<  <   >  >>