للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الباب الرابع

التَصُّوف .. بدعه وَخصَائِصه

إن المصنف لما يتعمق في كتب المتصوفة ورسائلهم وصحفهم , في سيرهم وسلكوهم , أحوالهم وطبقاتهم , أسسهم وقواعدهم , ليرى أن أمرهم مبني إما على التطرف أو مخالفة الشريعة , أو مكوّن من البدع والزيغ والضلال.

فأما تطرفهم ومخالفتهم للشريعة فلقد ذكرناها فيما سبق , ونورد ههنا ما أبتدعوه واستحدثوه باسم الدين في التصوف , ولو أن كل هذا من حيث المبدأ والمال من قسم واحد لأن التطرف أيضا بدعة في الدين , ومخالفات الشرع منهي عنها في الإسلام , ولكننا خصصنا هذا الباب لبيان أشياء أختصّ بها المتصوفة , وجعلوها من ميزاتهم وشعاراتهم , بل أنها من لوازمهم وخصائصهم , قلّما يتصور صوفي ولا يتصور هذه الأشياء معه أو يتصور هذه الأشياء ولا يحضر في الذهن التصوف والمتصوفة من قديم الزمان وحديثه باختلاف الكّم والكيف مثل الرقص والغناء , والوجد والتواجد , والأناشيد والمواجيد ووالقصائد والترانيم , والأذكار والأوراد بألفاظها المخصوصة وآدابها الخاصة , وتصور الشيخ , وصحبة المريد , والخلوات والخانقاوات وآداب المكوث فيها وغيرها من الأمور التي خصصوا لبيانها أبواباً وفصولا في كتبهم.

ويلاحظ الباحث أن للقوم نظاماً خاصاً , ومميزاً عن نظام الإسلام , وآداباً ومناهج لم يرد ذكرها في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولم تعرف في القرون الأولى للشهود لها بالخير , بل أخذوها من غير المسلمين , والبعيدين عن الإسلام وعقائده , أفكاره ومعتقداته , بل هي تخالف في شكلها وصورتها , وبحروفها وألفاظها , وكلماتها ومنطوقها , ومعانيها ومدلولاتها , وأسمها ورسمها , وسيرتها وتشكيلها , وأدائها وأسلوبها من الإسلام الساذج , غير المتكلف والمصطنع , دين الفطرة ودين البساطة , فأين هو وتعاليمه من الرقص والتمايل وجداً وطرباً , والذكر وحلقاته ,

<<  <   >  >>