للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاتفاق، وأن ذلك كله يحدث من ذاته، وهذا عيْن التعطيل.

وتأمل الآن بعض الأجوبة القاطعة لأمثال هؤلاء:

قال أبو سليمان الخطابي - رحمه الله -: (فمِن أوضح الدلالة على معرفة الله سبحانه وتعالى على أن للخلق صانعاً ومدبراً أن الإنسان إذا فكر في نفسه رآها مُدَبَّرة، وعلى أحوالٍ شتى مُصَرَّفَة.

كان نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظاماً ولحماً، فيعلم أنه لا ينقل نفسه من حال النقص إلى حال الكمال، لأنه لا يقدر أن يُحْدِثَ في الحال الأفضل التي هي حال كمال عقله وبلوغ أشدّه عضواً من الأعضاء، ولا يُمكنه أن يزيد في جَوَارحه جارحة، فيدلّه ذلك على أنه في وقت نقصه وأوَان ضعفه عن فعل ذلك أعْجز.

وقد يرى نفسه شاباً، ثم كهلاً، ثم شيخاً، وهو لم ينقل نفسه من حال الشباب والقوة إلى حال الشيخوخة والهرم ولا اختاره لنفسه، ولا في وِسْعه أن يُزَايل حال الْمَشِيب ويُرْجِع قوة الشباب، فيعلم بذلك أنه ليس هو الذي فعل هذه الأفعال بنفسه، وأن له صانعاً صَنَعَه وناقِلاً نقله من حال إلى حال، ولولا ذلك لم تتبدّل أحواله بلا ناقل ولا مُدَبِّر).

وذكر الخطابي بعد ذلك كلاماً، ثم قال: (فأمَّا ما ادّعوْه من قبول النطفة بما فيها من القوة الإغتذاء والتربية، فإن ذلك لا يُنكر إذا صح العلم

<<  <   >  >>