للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له: يا أبا العباس، أين رأيت محمد بن المصفى؟ فقال: بمكة، فقلت: في أي سنة؟ قال: سنة ست وأربعين ومئتين، قلت: وسمعت هذه الأحاديث منه في تلك السنة بمكة؟ قال: نعم، فقلت: يا أبا العباس، سمعت محمد بن عبيد الله بن الفضيل الكلاعي عابد الشام بحمص يقول: عادلت محمد بن المصفى من حمص إلى مكة سنة ست وأربعين، فاعتل بالجحفة علة صعبة، ودخلنا مكة، فطيف به راكباً، وخرجنا في يومنا إلى منى، واشتدت به العلة، فاجتمع علي أصحاب الحديث، وقالوا: أتأذن لنا حتى ندخل عليه؟ قلت: هو لما به، فأذنت لهم، فدخلوا عليه، وهو لما به لا يعقل شيئاً، فقرأوا عليه حديث ابن جرير عن مالك في المغفر، وحديث محمد بن حرب عن عبيد الله بن عمر: ليس من البر الصيام في السفر، وخرجوا من عنده، ومات فدفناه. فبقي أبو العباس ينظر إلي " (١).

قلت: فرواية الواحد من هؤلاء شيئاً عمن لم يدركوه يدعون السماع منه، كذب، وإسناد ذلك الراوي عن ذلك الشيخ موضوع.

الثامنة: أن يختبر الراوي بسؤاله عن المكان الذي سمع فيه من شيخ معين، أو عن صفة ذلك الشيخ، فيذكر ما يخالف الحقيقة، فيكون تحديثه بما حدث به عن ذلك الشيخ كذباً.

مثل: سهيل بن ذكوان، فقد ادعى أنه سمع من أم المؤمنين عائشة، فسئل: أين لقيت عائشة؟ قال: بواسط، وعائشة ما دخلت واسط (٢).

كما قيل له: صف عائشة، فقال: كانت أدماء، أو: سوداء (٣)، وكذب في ذلك.


(١) المجروحين من المحدثين (١/ ١٦٤).
(٢) الجامع لأخلاق الراوي، للخطيب (رقم: ١٥١).
(٣) التاريخ الكبير، للبخاري (٢/ ٢ / ١٠٤)، العلل، لأحمد بن حنبل (النص: ٩٨٨)، تاريخ يحيى بن مَعين (النص: ٢٤٨٦) .......

<<  <  ج: ص:  >  >>