للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى الثاني: أن يميز حديث الراوي ويعرف، لا على معنى جواز تقويته أو التقوية به، فكأنه من معنى: أتخذه عبرة خشية الضرر به.

كقول أبي حاتم الرازي في (عبد العزيز بن عمران): " متروك الحديث ضعيف الحديث، منكر الحديث جداً "، قال ابنه: قلت: يكتب حديثه؟ قال: " على الاعتبار " (١).

وكقول أبي زرعة أيضاً في (محمد بن عمر الواقدي): " ضعيف "، قال ابن أبي حاتم: قلت: يكتب حديثه؟ قال: " ما يعجبني إلا على الاعتبار، ترك الناس حديثه " (٢).

قلت: وتأمل قوله: " على الاعتبار "، ولم نقل: " للاعتبار "، وهذا فرق ما بين هذا الاستعمال ومصطلح (الاعتبار) بالمعنى الأول.

يؤيد هذا ما قاله أبو نعيم الأصبهاني عقب الفصل الذي ذكر فيه الضعفاء والمتروكين: " كل واحد من المذكورين في هذا الفصل بنوع من الأنواع، إذا نظرت في حديثه وتميزته، ارتفع الريب في أمره، وظهر لك حقيقة ما نسبته إليه، وأكثرهم عندي لا تجوز الرواية عنهم ولا الاحتجاج بحديثهم، وإنما يكتب حديث أمثالهم للاعتبار والمعرفة، إذ لا سبيل إلى معرفتهم في حديثهم، وإذا احتاج الراوي إلى ذكرهم عرف لهم من الوضع والكذب والوهم والخطأ والإنكار وغير ذلك، ما يذكرهم به ويضيفه إليهم؛ ليكون ما كتب من حديثه شاهداً له على جرحه لهم " (٣).

والمعنى المقصود هنا لهذا المبحث هو الأول.

* * *


(١) الجرح والتعديل (٢/ ٢ / ٣٩١).
(٢) الجرح والتعديل (٤/ ١ / ٢١).
(٣) الضعفاء، لأبي نعيم (ص: ١٧٠) .......

<<  <  ج: ص:  >  >>