للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيمن يدخل في التعريف قال: " فيد خل فيمن لقيه من طالت مجالسته أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو عنه، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يراه لعارض كالعمى " (١).

قلت: ومن أهل العلم من ذهب إلى التوسع فيمن يدخل في جملة الصحابة، حتى قال: يدخل فيهم الجن الذين أسلموا ممن ينطبق عليه تعريف الصحابي.

وهذا ليس مما له فائدة هنا، فإن تحديد المراد بالصحابي في هذا الموضع إنما هو فيمن روى العلم، وكان له شخصية محددة، أما: هل يدخل في الصحابة مسلمو الجن الذين استمعوا القرآن، أو بعض الملائكة، فهذا مما لا ينبغي عليه عمل، ولا يحقق مصلحة، ولا يُنْتهى فيه إلى شيء بين.

نعم؛ رأيت الطبراني أخرج في " معجمه الكبير " حديثاً عن رجل من الجن، فقال: حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان الرقي، حدثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم، حدثنا عثمان بن صالح، حدثني بن صالح، حدثني عمرو الجني، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة النجم، فسجد، فسجد، فسجت معه (٢).

قلت: وهذا خبر غريب جداً، بل منكر، وعثمان بن صالح هو المصري، من أصحاب عبد الله بن وهب، ومن شيوخ البخاري، وهو من طبقة تبع أتباع التابعين، ولو صححنا كونه من التابعين بمثل هذا لروايته عن جني له صحبة، لاضطرب عندنا مقياس الطبقات، ولصار به عامة من روى عنه من أتباع التابعين، وليس هذا محل إشكال إن ثبت، مع شدة غرابته، وإنما الشأن أن عثمان إن صح هذا إليه (٣)، فإنه وإن كان صدوقاً انتقى له


(١) الإصابة (١/ ٧).
(٢) المعجم الكبير (١٧/ ٤٥)، ومن طريقه: أخرجه ابن نُقطة في " تكملة الإكمال " (٢/ ١٦٦).
(٣) إذ شيخُ الطبراني لم أعرفه بجرْحِ ولا تعديل.

<<  <  ج: ص:  >  >>