للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبيد الله بن أبي جعفر المصري، فإنه صح عن الليث قال: " لم أسمع من عبيد الله بن أبي جعفر، إنما كان صحيفة كتب إلي، ولم أعرضه عليه " (١).

نعم الرواية في الكتابين بصيغة العنعنة، لكن المقصود أن الشيخين لم يريا تلك الصورة انقطاعاً، مع أن طريق التلقي فيها لم يكن إلا المكاتبة، بل قال البخاري في ترجمة (ابن أبي جعفر): " سمع منه الليث " (٢) , فعد المكاتبة بمنزلة السماع.

وهو مذهب الليث بن سعد نفسه، فإن عبد الله بن وهب قال: لقد كان يحيى بن سعيد يكتب إلى الليث بن سعد، فيقول: " حدثني يحيى بن سعيد "، وكان هشام بن عروة يكتب إليه، فيقول " حدثني هشام " (٣).

والوجه في صحة الاحتجاج بالمكاتبة: ما حكاه الرامهرمزي عن بعض أهل العلم، قال: " المكاتب لا يخلو من أن يكون على يقين من أن المحدث كتب بها إليه، أو يكون شاكاً فيه، فإن كان شاكاً فيه لم تجز له روايته عنه، وإن كان متيقناً له فهو وسماعه الإقرار منه سواء؛ لأن الغرض من القول باللسان فيما تقع العبارة فيه باللفظ إنما هو تعبير اللسان عن ضمير القلب، فإذا وقعت العبارة عن الضمير بأي سبب كان من أسباب العبارة: إما بكتاب، وإما بإشارة، وإما بغير ذلك مما يقوم مقامه، كان ذلك كله سواء " (٤).

وقال الزيعلي في معرض نقد حديث ابن عكيم في جلود الميتة:


(١) أخرجه ابنُ أبي حاتم في " المراسيل " (ص: ١٨٠) والخطيب في " الكفاية " (ص: ٤٦٠) بإسناد صحيح. ومن مواضع تخريجها عند البخاري (الأحاديث: ٢٨٤، ١٤٠٥، ٢٢١٠) وعند مسلم (٢/ ٧٢٠، و ٣/ ١٢١٤، ١٤٧٨).
(٢) التاريخ الكبير (٣/ ١ / ٣٧٦).
(٣) أخرجه يعقوب بن سفيان في " المعرفة " (٢/ ٨٢٤ _ ٨٢٥) _ ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية " (ص: ٤٩١) _ بإسناد صحيح.
(٤) المحدث الفاصل (ص: ٤٥٢ _ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>