للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرواية بذلك صحيحة، ولذا احتج بها البخاري وغيره، وهذا يحيى بن معين حين أوردت عليه هذه الرواية سكت مع ما تقدم عنه أن الحسن لم يسمع من سمرة، بل لم يلقه.

فقد قال أبو قلابة الرقاشي، وقد روى قصة حديث العقيقة عن قريش: فسمعت يحيى بن معين يقول: لم يسمع الحسن من سمرة، قال: فقلت: على من تطعن؟ على قريش بن أنس؟ على الحبيب بن الشهيد؟ فسكت (١).

فهذا الذي حدث به قريش حجة أن الحسن سمع من سمرة في الجملة.

والثاني: روي حميد الطويل قال: عن الحسن قال: جاءه رجل فقال: إن عبداً له أبق، وإنه نذر إن قدر عليه أن يقطع يده، فقال الحسن: حدثنا سمرة قال: قلما خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة إلا أمر فيها بالصدقة، ونهى فيها عن المثلة (٢).

وهذه رواية صحيحة عن الحسن.

والثالث: أن سمرة كان بالبصرة، وحديثه في أهلها، وكان فيها بعد مقتل علي وأثناء خلافة معاوية، وبقي فيها حتى مات في آخر خلافة معاوية سنة (٥٩) أو (٦٠) قيل: كانت وفاته بالبصرة، وقيل: بالكوفة، والحسن قدم البصرة بعد مقتل علي، رضي الله عنه، فإذا كان قد اتفق مع سمرة في الزمان والمكان، فما الذي منع اللقاء؟ بل كيف يمتنع ذلك وسمرة والٍ


(١) أورد ذلك المزِّي في " التهذيب " (٢٣/ ٥٨٨) بعد رواية قصِّة حديث العقيقة، وإسناده إلى أبي قلابة صحيح.
(٢) إسناده صحيح. أخرجه أحمد (٣٣/ ٣١٦ رقم: ٢٠١٣٦)، وعلق محققه بالتشكيك إن كان حُميد حفظ تصريح الحسن بالسماع، وذلك من أجل أن يزيد ين إبراهيم التُّستَري رواه عن الحسن قال: (عن سمرة)، وجعل المحقق ذلك مخالفةً لحميد، وهذا عجيب، فلم يزل هذا المحقق وغيره يجعلون ذكر السماع من راوٍ من قبيل زيادة الثقة، وهو الأمر عليه إطباق عامة أهل العلم بالحديث، والعنعنة لا تُنافي السماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>