للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما حكى أبو حاتم القصة عن ابن أبي أويس، قال مشعراً بضعفها: " إن كان سمعها من أبيه، فكل حديثه عن أبيه، إلا حديثاً يحدث به عن عامر بن عبد الله بن الزبير " (١).

غير أنه ربما قيل: يقويها قول معين بن عيسى القزاز، وهو ثقة: " مخرمة سمع من أبيه، وعرض عليه ربيعة أشياء من رأي سليمان بن يسار " (٢).

وأقول: أدرك معن مخمرة وروى عنه شيئاً، لكن هذه العبارة من إنشائه، ولم يعزها إلى مخرمة من قوله كما وقع في رواية حماد الخياط المتقدمة فيجوز أن يكون بلغه ما حدث به ابن أبي أويس، وهو بلديه وقرينة في الأخذ عن مالك، ويجوز أن يكون قال ذلك بمجرد اجتهاده، ويجوز غير ذلك، وبإيراد مثل هذه الاحتمالات لا يصلح الاعتراض على ما صح نقله عن مخرمة نفسه من عدم سماعه من أبيه، إلا أن يحمل ذلك على شيء يسير، على ما ذهب إليه بعض أهل العلم بالحديث:

قال أبو داود السجستاني: " لم يسمع من أبيه إلا حديثاً واحد، وهو حديث الوتر " (٣).

وقال علي بن المديني: " ولا أظن مخرمة سمع من أبيه كتاب سليمان (٤)، لعله سمع الشيء اليسير، ولم أجد بالمدينة من يخبرني عن مخرمة بن بكير أنه كان يقول في شيء من حديثه: سمعت أبي " (٥).

قلت: وهذا جميعه يؤكد صحة الحكاية الأولى عن مخرمة، ويضعف الثانية.


(١) الجرح والتعديل (٤/ ١ / ٣٦٤).
(٢) أخرجه ابن عدي (٨/ ١٧٨) بإسناد صحيح إليه.
(٣) نقله المزي في " تهذيب الكمال " (٢٧/ ٣٢٦).
(٤) يعني ابن يسار.
(٥) أخرجه ابنُ عدي (٨/ ١٧٨) بإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>