للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣] مسلمة بن القاسم الأندلسي (المتوفى سنة: ٣٥٣).

كان محدثاً واسع الرحلة كثير السماع من الشيوخ، له مصنفات في تواريخ المحدثين، وكلام كثير في الجرح والتعديل، لكنه لم يكن مرضياً عند الأندلسيين، قال ابن الفرضي: " سمعت من ينسبه إلى الكذب، وسألت محمد بن أحمد بن يحيى القاضي عنه فقال: لم يكن كذاباً، ولكن كان ضعيف العقل " (١)، وقال الذهبي: " لم يكن بثقة " (٢).

فهؤلاء وأمثلهم ممن لهم كلام محفوظ عنهم في كتب الجرح والتعديل، لا يعتمد على جرحهم أو تعديلهم منفردين، فإن جاءت أقوالهم موافقة لأقوال من يعتبر قوله فلا بأس بحكايتها، وإن جاءت مخالفة فمطروحة، وإن لم يوجد لها الموافق أو المخالف فالتعديل منهم غير كاف، والجرح يفيد التوقف في قبول رواية الراوي، لا لأجل اعتمادنا على جرح الواحد منهم، وإنما لمجيء جرحه موافقاً للجهالة بأمر ذلك الراوي، وهي قادحة لذاتها في قبول حديثه.

٣ _ الورع، والحذر، والمبالغة في الاحتياط والتيقظ.

قال الذهبي: " الكلام في الرواة يحتاج إلى ورع تام، وبراءة من الهوى والميل، وخبرة كاملة بالحديث وعلله ورجاله " (٣).

قلت: وهذا يستلزم مراقبة الله تعالى في حرمة دينه من جهة، وحرمة أعراض الرواة من جهة أخرى، ويوجب مبالغة في الاحتياط في التحقق قبل إرسال العبارات بالتعديل أو التجريح.

كما يوجب ترك العصبية لأحد أو على أحد، والنظر بعين الإنصاف والعدل، وإن كان ذلك صعباً شديداً.


(١) تاريخ علماء الأندلس (ص: ١٣٠).
(٢) سير أعلام النبلاء (١٦/ ١١٠).
(٣) الموقظة (ص: ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>