للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: هذا قد اعتبر فيه ابن معين تثبت الراوي في الأخذ واحتياطه في عدم الرواية عمن لم يعرف، فأما من لم يكن يبالي عمن روى فلا تثبت بروايته العدالة وإن كان ثقة.

ومثله في المعنى ما نقله أبو داود السجستاني قال: قلت لأحمد (يعني ابن حبان): إذا روى يحيى أو عبد الرحمن بن مهدي عن رجل مجهول، يحتج بحديثه؟ قال: " يحتج بحديثه " (١).

وهذا المذهب جرى عليه عمل الشيخين البخاري ومسلم في الاحتجاج بحديثه من لم يرو عنه إلا واحد من الصحابة، لكن ثبوت العدالة المطلقة للصحابة يخرجهم عن سائر الرواة، ويأتي ذلك.

وهو مذهب ابن حبان أيضاً، جرى عليه في " ثقاته " كما سيأتي في مبحث خاص، لكنه توسع فجعل مجرد رواية الثقة وإن لم يعرف بالاحتياط في الأخذ تعديلاً.

والمذهب الثاني: أن يروي عنه اثنان فأكثر.

وهذا المذهب جاء عن الحافظ محمد بن يحيى الذهلي، قال: " إذا روى عن المحدث رجلان ارتفع عنه اسم الجهالة " (٢).

وقد نسبه الحاكم والبيهقي إلى البخاري ومسلم فيمن خرجا حديثه في كتابيهما، وبينت خطأ ذلك في الكلام على شرط الشيخين، وأن الصحيح أنهما أخرجا حديث من لم يرو عنه إلا واحد واحتجابه من الصحابة خصوصاً.

وكذلك قال ابن عدي في ترجمة (سعيد بن أبي راشد): " لا أعلم يروي عنه غير مروان الفزاري، وإذا روى عنه رجل واحد كان شبه مجهول " (٣).


(١) سؤالات أبي داود لأحمد (النص: ١٣٧).
(٢) الكفاية، للخطيب البغدادي (ص: ١٥٠) وإسناده صحيح.
(٣) الكامل، لابن عدي (٤/ ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>