للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي (العلاء بن عبد الرحمن): " ما أرى بحديثه بأساً، وقد روى عنه شعبة ومالك وابن جريج ونظراؤهم " (١).

فرواية الثقات مما تدفع به التهمة عن الرواة، ويرد الطعن , ويرجح به قبول حديثهم.

لكن ليس ذلك مطلقاً، وإنما في أحوال تنزل فيها رواية الثقات منزلة القرائن المساعدة، وذلك فيمن لم ينكشف أمره في السقوط، ولم يهبط في الضعف بالبرهان إلى حد الترك.

كما أن هذه القرينة المرجحة إنما ترفع من حاله في الجملة، لا في قبول حديثه مطلقاً، إذا قابل ذلك ما يدل على نكارة أو ضعف بعض حديثه.

وبعض متأخري الحفاظ ينسبون تقوية الراوي بهذا الطريق أيضاً إلى النسائي وابن حبان، كما قال الزيلعي وذكر حديث عبد الله بن مغفل في ترك الجهر بالبسملة في الصلاة، وفيه: (عن ابن عبد الله بن مغفل)، وذكر ثلاثة من الرواة عنه: " فقد ارتفعت الجهالة عن ابن عبد الله بن مغفل برواية هؤلاء الثلاثة عنه "، قال: " والنسائي وابن حبان وغيرهما يحتجون بمثل هؤلاء، مع أنهم ليسوا مشهورين بالرواية، ولم يرو واحد منهم حديثا ً منكراً ليس له شاهد ولا متابع حتى يجرح بسببه، وإنما رووا غيرهم من الثقات " (٢).

قلت: أما ابن حبان، فسلوك مثل هذا الطريق معروف من طريقته، وأما النسائي، فلا بأس أن ينسب له اعتباره ذلك طريقاً في تقوية الراوي، لكن لا يصح أن يقال: (احتج به)؛ لأن التحقيق أنه لم يجرد الصحيح من الحديث، ولم يشترط الصحة في كتبه، وإنما كان يبالغ في الاحتياط فيما خرجه.


(١) الكامل (٦/ ٣٧٤).
(٢) نصب الراية (١/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>