للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما وقع فيه ابن حبان من ذلك فليس تردداً، بل هو خطأ، وصواب قوليه يتميز بحكم غيره، أما قولاه هو فحيث تناقضا فقد تساقطا، إذ أبطل أحدهما الآخر.

نعم، ربما وقع في ذلك لظنه الفرق بن شخصين، كالذي وقع منه في شأن (عباد (١) بن مسلم الفزاري) فإنه أورده في (الثقات) (٢)، وأورده في (المجروحين) فقال: " منكر الحديث على قلته، ساقط الاحتجاج بما يرويه؛ لتنكبه عن مسلك المتقنين في الأخبار، واحسبه الذي يروي عن الحسن، الذي يروي عنه الثوري وأبو نعيم، فإن كان كذلك فهو مولى بني حصن، كوفي يخطئ " (٣).

لكن يبقى صنف من الرواة ليسوا بواحد من الأقسام المتقدمة: وهم من أوردهم في " الثقات " ممن لا يعرف، ويبين هو نفسه في بعضهم أنه لا يدري من يكونون، وهؤلاء سبب وصفه بالتساهل.

والتحقيق: أن ابن حبان لمن تأمل كتابيه يجده إماماً بصيراً بالنقلة، يعرضهم على موازين النقد، ويحرر أحوالهم في الرواية من خلال مروياتهم، وهو ذاته منهج متقدمي الأئمة.

وهو في إيراد هذا الصنف من الرواة في (الثقات) فمن أجل أنه جعل الأصل في كل راو لم يقف في روايته على ما يطعن فيه لأجله اللحاق بالثقات، وإن كان لا يدري من يكون ذلك الرواي.

وحيث علمنا أن ابن حبان إذا لم يثبت عنده كون الراوي مجروحاً فإنه يدخله في (الثقات)، وأنه أدخل فيهم من لا يعرفه، فهذا المنهج لا يعني أن من في كتابه من هؤلاء فهم ممن يحتج بهم، بل فيهم من هو حجة، وفيهم


(١) وصوابه: عُبادة.
(٢) الثقات (٧/ ١٦٠).
(٣) المجروحين (٢/ ١٧٣ _ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>