للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من دون ذلك ممن هو صالح للاعتبار، والمستورون والمجهولون الذين لم يثبت عليهم فيما رووا حديث منكر يحتملون هم وزره، فهؤلاء يعتبر بهم، ويحتج بحديثهم لغيره، وربما خرج حديثهم في " الصحاح " متابعة.

وهذا منهج لا يعرف فيه اختلاف من حيث الجملة.

ولم أر وجهاً لعيب ابن حبان بهذا خلافاً لما جرى عليه طائفة من المتأخرين؛ لأننا قد تبينا منهجه، فغاية الأمر أن لا نجعل من مجرد إيراد الراوي في (الثقات) صحة الاحتجاج به، حتى ينضم إلى ذلك سائر شروط الاحتجاج.

والروي يلحق بالثقات ولا يحتج به منهج قديم، فهذا أبو حاتم الرازي مثلاً على تشدده يقول في (محل بن محرز): " كان آخر من بقي من ثقات أصحاب إبراهيم، ما بحديثه بأس، ولا يحتج بحديثه، كان شيخاً مستوراً، أدخله البخاري في كتاب الضعفاء، يحول من هناك " (١).

وهذا يدل على أمور:

أولها: يكون الرجل ثقة، ولا يحتج به.

وثانيها: المستور ثقة، ولا يحتج به.

وثالثها: من هذا وصفه لا يلحق بالضعفاء.

وهذا في الأمرين الأول والثالث منهج ابن حبان في " ثقاته " في الرواة غير المشهورين بالثقة والعدالة.

يتأيد هذا بتفسير ابن حبان نفسه للعدالة، فإنه قال: " العدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله؛ لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال، أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل،


(١) الجرح والتعديل (٤/ ١ / ٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>