للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها، بل العدل من كان ظاهر أحواله طاعة الله، والذي يخالف العدل من كان أكثر أحواله معصية الله " (١).

قلت: وهذا لا يخالف في شيء تفسير (العدالة) عند من تقدمه من أهل العلم، وهي العدالة الدينية.

فأما العدالة الموجبة لصحة الاحتجاج بحديث الراوي، وهي اقتران الضبط إلى العدالة في الدين، فيبينها ابن حبان في " صحيحه " بقوله: " وقد اعتبرنا حديث شيخ شيخ على ما وصفنا من الاعتبار على سبيل الدين، فمن صح عندنا منهم أنه عدل احتججنا به، وقبلنا ما رواهُ، وأدْخلناه في كتابنا هذا (٢) ومن صحَّ عندنا أنه غيرُ عدلٍ بالاعتبار الذي وصفناه لم نحتج به، وأدخلناه في كتاب المجروحين من المحدثين بأحد أسباب الجرح " (٣).

قلت: ومنهجية اعتبار حديث الراوي طريق عامة النقاد قبل ابن حبان، وهو على الأثر فيه، ويبينه في مواضع من كتابيه في الثقات والمجروحين، ومن عبارته في ذلك:

قال في ترجمة (عبد الله بن المؤمل المخزومي): " كان قليل الحديث، منكر الرواية، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد؛ لأنه لم يتبين عندنا عدالته فيقبل ما انفرد به؛ وذاك أنه قليل الحديث، لم يتهيأ اعتبار حديثه بحديث غيره لقلته فيحكم له بالعدالة أو الجرح، ولا يتهيأ إطلاق العدالة على من ليس نعرفه بها يقيناً فيقبل ما انفرد به، فعسى نحل الحرام ونحرم الحلال برواية من ليس بعدل، أو نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل اعتماداً منا على رواية من ليس بعدل عندنا، كما لا يتهيأ إطلاق الجرح على من ليس


(١) الإحسان (١/ ١٥١).
(٢) أي مع اعتبار سائر شُروط صِحة الحديث، وقد بيَّنها.
(٣) الإحسان (١/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>