للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي الرواية قراءة على الشيخ، لا سماعاً من لفظه، وتقدم أنها: متصلة بمنزلة السماع عند أكثر أئمة الحديث.

وربما رأيت من بعض النقاد الطعن في رواية بعض الثقات عن بعض شيوخهم أنها كانت عرضاً، ويكون مرجع الأمر إلى شيء زائد على مجرد العرض، وهو أن الذي كان يعرض على الشيخ راو مجروح، ويكون ذلك الثقة قد حضر ذلك العرض.

مثل من طعن في روايته عن مالك؛ لكونه أخذ عنه بعرض حبيب كاتبه.

ومنه قول يحيى بن معين في (حفص بن ميسرة): " سمع عرضاً، كان عباد بن كثير يعرض لهم على زيد بن أسلم وغيره، قال أبو جعفر السويدي (١): ذهبت إلى حفص بن ميسرة فسألته أن يخرج إلي كتاباً، فقال لي: إنما كان عباد بن كثير يعرض لنا " (٢).

قلت: والرواية بمثل هذا في الأصل صحيحة؛ لأن العبرة بإقرار الشيخ ما يقرأ عليه، والقارئ ليس واسطة بين التلميذ وشيخه، ولذلك فلا تضر جهالته ولا كونه مجروحاً.

ولوا افترضنا صحة القدح على ما يروي بهذا الطريق، فإن ورود القدح على الشيخ أولى من وروده على التلميذ، فإنما حدث التلميذ بما أقر به الشيخ مما قرئ عليه.

وأما أن يكون حفص بن ميسرة اتقى التحديث عن زيد بن أسلم من أجل أنه سمع بعرض مجروح، فذلك جائز أن يكون من أجل شكه في ضبطه لرواية نفسه عن شيخه.


(١) اسمه محمد بن النوشجان، بغدادي ثقة.
(٢) معرفة الرجال، رواية ابنِ محرز (٢/ ١٥١ _ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>